الأربعاء، 19 يوليو 2017

مسائل إملائية متفرقة في الهمزة الابتدائية

نُشر مفرّقًا في آسك وتويتر وملتقى أهل اللغة في أوقات مختلفة.
- س: كيف أفرق بين همزة الوصل وهمزة القطع؟
ج: إن كان عندك أثارة من سليقة صحيحة فاعتبر ذلك بإدخال واو قبل الهمزة، فإن لم تنطقها فهي همزة وصل نحو (واكتُبْ). وإن نطقتها فهي همزة قطع نحو (وأكرِمْ). ولهذا كان الوجه في هذا المبحث أن لا يدخل في الإملاء لأنه جار على الأصل إذ ليس بين منطوقه ومكتوبه تخالف لولا فساد سلائق كثير من الناس.
فإن لم يتهيّأ لك ذلك فاعلم أن كل همزة في أول الكلمة همزة قطع إلا أمر الثلاثي (اكتب) وماضي الخماسي والسداسي وأمرهما ومصدرهما (انطلقَ، انطلقْ، انطلاق) (استغفرَ، استغفرْ، استغفار) وإلا الأسماء العشرة (اسم، است، ابن، ابنة، ابنم، اثنان، اثنتان، امرؤ، امرأة، ايمن) ومن الحروف (أل) التعريف فقط.
- إذا سمعتَ أحدًا يقول أو يكتب: (يا إبني) أو (ما إسمك) بقطع الهمزة فلا تخطّئه، فقد حكى الأخفش في "معاني القرآن" عن الثقة أنه سمع من العرب من يقول ذلك.
- إذا اتصل بالهمزة في أول الكلمة شيء قبلها فإنه لا يتغير حكمها ولا تعامل معاملة المتوسطة إلا في ثلاثة ألفاظ (هؤلاء) و(لَئِن) و(لئلّا). وأرى أن تُردّ إلى القاعدة فتكتَب (هأُلاء) و(لَإِن) و(لِأن لَّا).
- أرى أن تُرسم همزة الوصل إذا وقعت أول صدر أو عجز بالقطع لأنها تُنطق بالقطع في الابتداء والدّرج، مثال ذلك قول الأعشى:
إِستأثر الله بالوفاء وبالـ ** ـحمد وولّى الملامة الرجلا
وقول الحماسي:
ماذا يكلفك الروحات والدُّلَجا ** أَلبرّ طورًا وطورًا تسلك اللججا
وذلك أنك لو رمت أن تصل قوله: (إستأثر) بآخر البيت الذي قبلَه، وهو:
* وإن في السفْر ما مضى مهَلا *
لوجب عليك أن تقطعها لأن لا يختلّ وزن البيت.
وكذلك قوله: (ألبرّ طورًا)، فإنك إذا أنشدته موصولًا بصدره لم يكن لك مزحلٌ عن قطع همزة (ألبرّ)، فقد صارت بذلك في لفظها همزة قطع لا همزة وصلٍ على سبيل الضرورة. والخطّ نائب عن اللفظ.
ومثلُ هذا التاء المربوطة إذا أُبدِلت هاءًا في آخر البيت، وذلك كقول ابن مالك:
والله يقضي بهبات وافرهْ ** لي وله في درجات الآخرهْ
ألا ترى أنك إذا وصلت (وافرهْ) بـ(لي وله...) في الإنشاد لم تردّها تاءًا.
وكذلك إذا وقعت التاء المفتوحة محركةً في آخر البيت كقول الحماسي:
حلّت تماضر غربة فاحتلتِ ** فلجًا وأهلك باللّوى فالحَلّتِ
فإنك تكتبها (فالحلّتِ). وأصلها (الحلّة). وذلك لامتناع الوقف عليها بالهاء في هذا الموضع، فاعرف هذا وقس عليه.
- تُرسم همزة (يا ألله) بالقطع والوصل، وذلك أن فيها لغتين، فمن ينطقها بالقطع يكتبها بالقطع، ومن ينطقها بالوصل يكتبها بالوصل.
- رأيي أنه إذا اتصل بهمزة الوصلِ فاء أو واو فإنها تبقى على أوّليتِها ولا تُقدَّر في حكمِ المتوسِّطةِ فتُكتب (فاؤْمر - واؤمر) و(فائتِ – وائت).
والمشهور رسمُها على هذه الصورة (فأمر - وأمر) و(فأتِ - وأتِ).
والعلةُ التي اعتلوا بها لقولِهم هذا هي أنَّها لو ثَبَتَتْ لكانَ ذلك جمعًا بين ألِفَيْنِ صورة همزة الوَصْل وصورة الهمزة الَّتي هي فاء الكلِمة، مع كونِ الواو والفاء شديدي الاتِّصال بما بعدهما، لا يُوقَفُ عليهما دُونَه.
ويُرد عليها من وجهين:
الأول: عدمُ اطرادِها، فإنهم يكتبون (سائل) ونحوَها بهذه الصورة مع أنها مثلُ (فائتِ) ولم يكرهوا اجتماعَ همزةٍ وألفٍ. وإنما الذي يُكرَه هو أن يجتمعَ حرفانِ متماثلان ليس بينهما حاجزٌ أحدُهما صورةٌ للهمزةِ نحو (شؤون) أو نحو هذه الصورة (اأ).
الثاني: تركيبُ العلةِ تركيبًا فاسدًا ملفَّقًا من أمرينِ، هما الاتَّصال، واجتماع المثلينِ. فإنْ كانَ اجتماعُ المثلينِ من بابِ (شؤون) فتكونُ دعوى الاتَّصال زيادةً عن العلَّةِ لا حاجةَ لها ويكونُ اجتماع المثلينِ اعتلالاً غيرَ صحيحٍ لبيانِ الفرقِ بينه وبينَ (شؤون). وإنْ كانَ اجتماعُ المثلينِ أمرًا آخرَ غيرَ اجتماعه في (شؤون) فتكونُ هذه أولاً علةً لا نظيرَ لها في كلامِهم، وثانيًا لا مناسبةَ لها للحُكمِ لأنَّ الاجتماعَ إنما كُرِهَ لكونِه لمثلينِ في الرسم لا في الحقيقةِ. وإنما سوَّغ لهم حذفَ أحدِهما لأنه صورةٌ للهمزةِ وليس حرفًا أصليًّا، فحذفُه لا يُوقِع في لبْسٍ وليس فيهِ إجحافٌ. وكلُّ هذا مفقودٌ في هذه المسألةِ.

هناك تعليق واحد: