الاثنين، 30 يناير 2017

حركة ياء المتكلم الفتح أم الإسكان؟

في الضمائر
نُشر في آسك في 13/ 3/ 1436هـ.
س: هل من ضابط لتحريك ياء المتكلم وتسكينها إذ أجدها في كتب الحديث وغيرها مرّة بالفتح ومرة بالإسكان؟
ج: الأصلُ في ياء المتكلّم الفتح. والإسكان فرعٌ عنه، يدُلّ على ذلك أمران:
الأول: قياسها على نظائرها ككاف المخاطب.
الثاني: أنّ التحريكَ تثقيل والإسكان تخفيف، فلو كان الإسكان هو الأصل لم يحرّكوه لأن من عادة العرب أن يفّروا من الثّقَل إلى الخفّة وليس العكس.
وهما لغتان كثيرتان في كلامهم. وقد اختلَفت القُرّاء اختلافًا ظاهرًا في فتح الياء، وإسكانها في القرآن.
غيرَ أن الإسكانَ أشيعُ وأجوَدُ. والحُجّة له أن العرب وإن كانوا لا يستثقلون الياء المفتوحة إذا انكسَر ما قبلَها في الجملة كما في المنقوص المنصوب نحو (رأيت القاضيَ) فإنّهم قد يستثقلونها إذا لِحقتها عِلّة أخرى تدعو إلى التخفيفِ. ولهذا خفّفوا نحو ياء (معديْكرب) لأنَّه لمّا اجتمع إلى الياء المتحرّكة وهي قد تُحتمَل، ثِقلُ التركيب استوجبَ هذا عندهم تخفيفَها.
بل إنّ من العربِ من يسكن ياء المنقوص في النصب فيقول: (رأيتُ القاضيْ) مع ما لها من حُرمةِ الإعرابِ.
فلمّا كثُر استعمالهم ياء المتكلّم وكانت تتّصل بالاسم والفعل والحرف مع كونِها حركةَ بناءٍ لا إعرابٍ خفّفوها بالإسكانِ. وهو أجود اللّغتين كما ذكرتُ. وقد يفضُلُ الفرعُ الأصلَ كما فضّلت (يا غلامِ) على (يا غلامي) وهي فرعها، وكما شاعَت (نِعْم وبِئْس) دون (نَعِم وبَئِس) وهي فرعُها أيضًا.
ويُستثنى من ذلك حالتان، فإنه يُستحَبّ فيهما فتح الياء على إسكانها. وهما:
الأولى: أن يليَ الياء ساكنٌ، نحو (مررت بصاحبيَ الكريمِ) لأنك لو أسكنتَها لاضطررت لحذفها لالتقاء ساكنين هي ولام أل بعدها. وفي هذا إجحاف وإلباسٌ أحيانًا إذ يُظَنّ كما في المثال السابق أن الصاحب مضاف إلى الكريم. ومثال ذلك قول الحماسيّ:
فدًى لفوارسيَ المعلميـ ** ـن تحت العجاجة خالي وعَمْ
الثانية: أن تكون الياء ثاني أحرف الكلمة، نحو (لي) و(بي)، فتحرّكها لتقويَها بذلك وتكثّرَها. ومثاله قول الحماسي:
إذِ الأرض لم تجهل علي فروجها ** وإذْ ليَ عن دار الهوان مراغَمُ
واجتمعا في قول طرفة:
وليَ الأصل الذي في مثله ** يُصلح الآبر زرعَ المؤتبِرْ
واستثناء هاتين الحالتين هو رأيٌ كنت رأيتُه بالنظر والقياس وبتصفّح شعر العرب ثم وجدتّ بعد ذلك الكسائيَّ والفرّاء ينصّان عليهما، فلَشدّ ما سرّني ذلك!

هناك تعليقان (2):

  1. جزاكم الله خيراً.
    أليس فتح ياءالمتكلم هو سبب تشديد ياء "لديَّ"؟ ولو كانت ساكنة لاجتمع ساكنان.

    ردحذف
  2. عزيزي التحريك تخفيفٌ والتسكين تثقيلٌ، وفي شرحك دليل على ذلك إذ لا تفرّ العرب من الخفيف إلى الثقيل.

    ردحذف