الجمعة، 2 يونيو 2017

مسائل صرفية في التثنية والجمع

نُشرت في تويتر وفسبك وآسك في أوقات مختلفة.
- س: كيف أجمع كلمة (طواف)؟
ج: لك أن تجمع المصدر (طواف) على (أطوفة) و(طوافات) فتقول: طفت سبعة أطوفة وطوافات. ولك أن تجمع المصدر (طَوْف) على (أطواف) فتقول: سبعة أطواف (وهو الأجود لأنه مسموع). ولك أن تجمع اسم المرّة، وهو (طَوْفة)، على (طوْفات) [وفتح الواو لغة هذيل] فتقول: سبع طوَْفات. ويجوز أن يراد بالطواف هنا الدورة الواحدة، ويجوز أن يكون جمعًا للدورات السبع التي يتم بها الطواف. وإذا خُشي اللبس بينهما قيل للدورة الواحدة: (شوط)، وللسبع: (أسبوع). وتقول في جمعه: (طفت ثلاثة أسبوعات أو أسابيع).
- س: هل يجوز لغةً أن نجمع كلمة (قرآن)؟ وكيف جمعها إن جاز؟
ج: كلمة (قرآن) مصدر نكرة لـ(قرأ يقرأ) نُعت به القرآن الكريم على جهة المجاز المرسل من باب إطلاق المصدر مرادًا به اسم المفعول نحو (خلق الله) أي مخلوقه. ثم صار علمًا عليه بالغلبة. فلو أريد جمعه لقيل: (قَرَائِينُ) و(قُرْآنات).
- س: هل يصحّ في اللغة قولهم: (الأقصى ثالث الحرمين) مع أنه ليس حرمًا؟
ج: هذا جائز على جهة (التغليب). وقد مثل له سيبويه بقوله: (هذا خامس أربع نسوة). وكذلك (ثالث الحرمين)، فلا يوجب جعله ثالثًا لهما أن يكون حرمًا مثلهما كما لم يكن الرجل امرأة بكونه خامسًا للنسوة. وإنما هذا تغليب كما ذكرت. وبابه واسع.
- س: هل يجوز جمع (النتيجة) على (نواتج) كقولهم: (نواتج التعليم)؟
ج: (نواتج) صحيحة على أن تكون جمع (ناتج). ولا يجوز أن تكون جمع (نتيجة). ومعناهما واحد.- س: هل (القرطاسة) لواحد (القراطيس) صحيحة؟
ج: المعروف عن العرب استعمال (القرطاس) للواحد، و(القراطيس) للجمع، قال تعالى: ((ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاس)) وقال: ((تجعلونه قراطيس)). ولم أجد من حكى (القرطاسة)، ولا أرى لها وجهًا.
- س: هل يجوز أن يقال: (هي إحدى طلبتي
ج: (الطَّلَبة) جمع (طالب). وهو وزن خاص بالمذكر، ولكن يجوز هذا الأسلوب على جهة التغليب. ومنه قوله تعالى: ((وكانت من القانتين)) مع أن (القانتين) جمع مذكر سالم، وقول العَرْجيّ: 
إني أُتيحت لي يمانيّة ** إحدى بني الحارث من مَذحِجِ
فقال: (إحدى بني) مع أن (البنين) في أصل الوضع خاصّ بالذكور. وعلى هذا لو قيل: (هي إحدى طلبتي) لجاز.
- س: زعم بعضهم أن (الأجاويد) تُطلق على كرام الخيل، ولا تطلق على كرام الناس، فما صحّة ذلك؟
ج: (الأجاويد) جمع (أجواد). و(أجواد) جمع (جَواد)، فهو إذن جمع الجمع. والجواد يطلق على الفرس الجيّد وعلى الرجل الكريم. وسُمع أيضًا (أجاوِد). وهو قياس عند الكوفيين لأنهم يجيزون حذف الياء من مماثل (مفاعيل) محتجين بقوله تعالى: ((وعنده مفاتح الغيب)) إذ (مفاتح) عندهم جمع (مِفتاح)، وأصله (مفاتيح).
على أنه لو لم يُسمع (أجاويد) في جمع (أجواد) بمعنى الرجل الكريم، فالكوفيون يجيزون إشباع مماثل (مفاعِل) قياسًا. وقولهم صحيح، وشواهده متوافرة، فتقول إذن (أجاوِد) و(أجاويد) بالمعنيين المذكورين.
- (الحليب) و(العصير) صفتان في الأصل، ولكنهما انتقلا إلى الاسمية، فلك أن تجمع (الحليب) على (أحلِبة) و(حُلُب). والأول مسموع عن العرب في قول الشاعر:
* شرّاب أحلبةٍ أكّال أحورةٍ *
وتجمع (العصير) على (أعصِرة) و(عُصُر). فأما (عصائر) فلا يصح أن يكون جمعًا لـ(عصير)، وإنما هو جمع لـ(عصيرة) بالتاء، أو (عُصارة).
- في قولهم: (اللهم اغفر لوالدينا) الوجه الجيّد الجمع (والدِينا) بكسر الدال. وتجوز التثنية (والدَينا) اتساعًا كقول الراجز: (في حلقكم عظم وقد شجينا) أي: حلوقكم.
- يجوز لك إذا ثنيت الممدود أن تُقرّ همزته وأن تقلبها واوًا أو ياءًا سواء أكانت الهمزة أصلًا أم غير أصل، نحو (بيضاءان،، بيضاوان، بيضايان).
- (الأخطبوط) كلمة يونانية الأصل، معناها ذو الأرجل الثمانية. وتجمع على (أخطبوطات) باتفاق و(خطابيط) على قياس مذهب سيبويه و(أخاطيب) على قياس مذهب المبرد. ويجيز بعضهم (خطابِط)، و(أخاطِب).
- س: ما توجيه عود ضمير الجمع على المثنّى في قوله تعالى: ((هذان خصمان اختصموا في ربهم)) لأن بعض الملاحدة يعترض على ذلك؟
ج: للَفظ (الخصم) في هذه الآية اعتباران: اعتبار التثنية لأن المراد (طائفتان)، واعتبار الجمع لأن في كل طائفة جمعًا لا فردًا واحدًا. وذلك من جهة أن (خصمًا) في الأصل مصدر، فيجوز أن يوصف به المفرد والمثنى والجمع، والمذكرُ والمؤنث بلفظ واحد كما قال: ((وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب)). فإن اعتُبرتِ التثنية قيل: (اقتتلتا). وإن اعتُبرَ الجمع قيل: (اقتتلوا). وعلى هذا الاعتبار جاءت الآية الكريمة. ونظيرها قوله: ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا)).
وهذان الاعتباران إنما يسوغان في المثنّى الذي مفردَه دالٌّ على جمع كـ(خصمان) و(طائفتان). فأما ما سوى ذلك نحو (هذان رجلان) فلا يصِحّ فيه إلا اعتبار التثنية فتقول: (اختصما). ولا يجوز أن تقول: (اختصموا) إلا على قول من يرى أن أقلّ الجمع اثنان.
- س: هل (الوالدان) و(الأبوان) و(القمَران) ملحقاتٌ بالمثنى لأنهنّ تثنية لفظين مختلفين، وهما (والد ووالدة) و(أب وأم) و(قمر وشمس)؟
ج: الصواب أنّ ما ثُنّي بعد تغليب أحد لفظَيه على الآخر كالأمثلة المذكورةِ ليس ملحقًا بالمثنّى لأنّ تثنيته إنما وقعت بعد ادّعاء صدقِ لفظ المغلَّب على الآخر وانطباقه عليه، وذلك لآخيّة معقودة بينهما سوّغت هذا التغليب على سبيل التجوّز.
وتأويل ذلك أن (الأمّ) مثلًا لا تسمّى أبًا في حقيقة اللغة، ولكنّها لما كانت أقربَ شيءٍ إلى الأب، وكان عملُها في الأبناء شبيهًا بعمل الأب من مبتدأ خلقِهم فولادتهم فتنشئتهم والحنوّ عليهم واستيجابِ برِّهم ونحوِ ذلك، وكانوا ربّما أرادوا الإخبار عنهما بخبر واحد يعمّهما من قبَل أن حكمهما في الغالب سواء، ادّعوا أن الأم (أبٌ) في هذا الأسلوب خاصةً لحاجتهم إلى هذا التغليب التماسًا للاختصار، ثم ثنّوا (أبًا) و(أبًا) فقالوا: (أبوان). وهكذا أمرُ سائر الأمثلة.
وفي هذا يقول ابن هشام: (والذي أراه أن النحويين [يعني المتقدمين] يسمون هذا النوع [يعني نحو القمرين] مثنًّى، وإن لا لذكروه في ما حُمِل على المثنّى [أي أُلحِق به]. وإنما غايته أن هذا مثنًّى في أصله تجوّز).
على أني لا أرى صحّة دعوى الإلحاق بالمثنّى وجمع السلامة برمّتها لأن اللفظ إذا نُحِلَ حكمًا من الأحكام فإنه ينبغي أن يُعدَّ من أهلِه وأن يحمل اسمَه غيرَ مدافعٍ سواءٌ أكانَ أصابَ هذا الحكم باستحقاقٍ منه لاستيفائِه شروطَ القياس أم بغير استحقاق. ولا يجوز أن يُتبعَ المنَّ ويعيّرَ الإلحاقَ ويُحطّ درجةً عن نظائرِه الجارية على القياس، لأنه لما أُجري عليه حكمُها صارَ مثلَها ولم يمتنع عن الخضوع لشيء من قانونها.
ونديدُ هذا صوغُ أفعل التفضيل من ما اختلّ فيه شرطُ القياس كصوغه من المبنيّ للمجهول نحو (أزهَى)، فإنك لا تسمّيه ملحقًا بأفعلِ التفضيل. وكذلك ما جُمِع على بناء من أبنية جموع التكسير شذوذًا كجمع (كلب) على (كَليب) لأن (فَعلًا) لا يُجمع في القياس على (فَعيل)، فإنك تسمّيه جمع تكسير لا ملحقًا به.
وشبيهٌ بذلك أيضًا ما ناب مَناب المصدر فانتصب مفعولًا مطلقًا نحو (ضربتُه عشرين ضربةً)، فإنك تسمّيه مفعولًا مطلقًا لا نائب مفعول مطلق ولا ملحقًا به. وهكذا.
- س: هل يقال حلَقات إذاعية أو حلْقات؟ بسكون اللام أو فتحها؟
ج: لا يجيز النحاة في (حلَقات) ونحوها من ما هو جمع لـ(فَعْلة) اسمًا إلا الفتح ولا يكادون يذكرون خلافًا في هذا، غير أني وجدت قطربًا وأبا بكر الأنباري وابن المؤدب وأبا العلاء المعرّي يجيزون الإسكان (حلْقات) ويجعلونه لغة لا ضرورة. ونسب ابن عصفور إجازة ذلك أيضًا إلى الفرّاء.
وابن جنّي يجيزه في المعتلّ اللام فقط نحو (ظبْيات).
- يجوز لك في تثنية (ذات) أن تقول: (ذاتا) و(ذوَاتا) نحو (هما ذاتا حُسن وذوَاتا حُسن). والثانية لغة القرآن كما قال تعالى: ((ذواتا أفنان)) و((ذواتي أكل)).
- س: ما جمعُ (قاضي القضاة
ج: يُستغنى فيه بجمع المضاف فيقال: (قُضاة القُضاة). فإن أريد المحافظة على هذا اللقب من تغيير صورته لوقوع اللبس بذلك فيجوز أن يقال: (ذوُو قاضي القضاة أو أصحاب قاضي القضاة أو المتسمون بقاضي القضاة) أو تقول مثلًا: (جاء رجال كلٌّ منهم قاضي القضاة) ونحو ذلك.
- س: وجدتّ أحدهم يقول: (مُسلِمة هذا الزمان) يريد (مسلمِي هذا الزمان)، فهل هذا جائز؟
ج: نعم، هذا جائز سماعًا وقياسًا.
أما السّماع فقول حماس الدِّيلي:
* ولحِقتنا بالسيوفِ المُسلِمهْ *
أي المسلمون، قال ذلك في فتح مكة.
وأما القياس فإنّ الفرقة من الناس متى استقلّت بمذهبٍ أو اتّصفت بصفة لازمة لها تُزايلُ بها غيرَها جاز لَحاق التاء لاسمِها إن كان من المشتقّات التي يصِحّ دخول التاء عليها. وذلك على تقدير موصوف لها بمعنى الفرقة أو الجماعة. ومنه (الرافضة) و(الخارجة) وجمعُهما (الروافض) و(الخوارج). وقالوا أيضًا: (المرجئة). و(المُلحِدة) وكثيرًا غير ذلك.
- كل اسم مختوم بتاء التأنيث يجوز جمعه جمع مؤنث سالمًا. واستثنى بعض النحاة من ذلك ألفاظًا معدودة، وهي شفة وشاة وامرأة ومِرآة وأمة وفُلة. والراجح أنه لا يستثنى من هذا الإطلاق شيء لأن القياس إذا اطرد جدًّا حتى لم يشذ عنه إلا أفراد قليلة فإنه يجوز استعماله وإن جاء السماع بخلافه.
- س: هل يجوز جمع المصادر؟
ج: في جمع المصادر خلافٌ بين النحاة، فمنهم من أجاز قياسه إذا اختلفت أنواعه، ومنهم من لم يُجزه البتةَ. والصواب جواز جمعه مطلقًا لكثرة السماع الوارد فيه عن العربِ سواءٌ أردتّ به التكثير أم التنويع. ولا حجّة للمتعلّقين بالمنع بدلالته على القليل والكثير لأن في جمعه فائدةً ليست في الإفراد، وهي النصّ على الكثرة ونفي احتمال القلّة والإغناء عن الحاجة إلى نعتِه بما يدُلّ على الكثرة، فبدَلَ أن تقول: (عندك وهْم كثير) تقول: (عندك أوهامٌ) وإن كانت هذه الأوهام من نوع واحد. وبدَلَ أن تقول: (أنا ذو غمّ كثير) تقول: (أنا ذو غموم). وكلاهما مسموع عن العرب.
ويشهد لهذا جمعهم أسماء الجنس الإفرادية مع كونها تدل على القليل والكثير كالماء والتراب واللبن ونحوها.
وأما قول من قال: إنه لا يُجمع إلا إذا خرج من المصدرية إلى الاسميّة، فهذا قَيد لا تحصيل له لأن ذلك قد يضِح في نحو جمعهم الصيد والبَعث على صيود وبعوث إذ كانا بمعنى اسم المفعول، فهما يدُلّان في الحقّ على ذاتٍ لا حدثٍ، وكذلك في العِلم لأنه بمعنى اسم المفعول وإن كان معنًى لا ذاتًا، ولكن هذا لا يُطيع لك في نحو الهمّ والغمّ والوهم والظنّ فإنها دالّة على أحداث محضةٍ ولا تدل على ذواتٍ ولا هي بمعنى المشتقّات.
- الصحيح أن (الأحباب) جمع (حِبّ) لا حبيب، و(النُّحاة) جمع (ناحٍ) لا (نحويّ)، و(الكُماة) جمع (كامٍ) لا (كميّ) و(العُداة) جمع (عادٍ) لا (عدوّ) و(الدلائل) جمع (دلالة) لا (دليل).
- س: كيف أقول في القطعتين من الأحذية اللتين يلبَسهما الشخص الواحد في يمنى قدَميه ويسراهما؟ أأقول: (حذائِي) أم (حذاءايَ) أم (أحذيتي)؟
ج: الأصل أن تقول: (حذاءَايَ) بالتثنية، ولكن يجوز الإفراد فتقول: (حذائِي) والجمعُ فتقول: (أحذيتي). ونظيرها (العين)، فإن لك أن تقول: (بكت عينِي وعيناي وأعيني أو عيوني)، قال امرؤ القيس في الإفراد:
فقلت له: لا تبكِ عينُك، إنما ** نحاول ملكًا أو نموتَ فنُعذرا 
وقال زهير: 
كأن عينِي وقد سال السليل بهم ** وعبرةٌ ما همُ لو أنهم أَممُ 
وقال امرؤ القيس في التثنية: 
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي ** بسهميك في أعشار قلب مقتّلِ 
وهذا مقيس في كلّ اثنين مصطحبين عملُهما واحدٌ. 
وقال الآخر في الجمع: 
تقتّلني منها عيونٌ كأنها ** عيونُ المها ما طرفهنّ بحادجِ 
وذلك أن أقلَّ الجمع اثنان على الراجح. 
وكذلك تقول أيضًا: (نظّارتي) و(نظارتاي) و(نظّاراتي) للقطعة الواحدة التي فيها عدستان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق