السبت، 11 مارس 2017

نقض القول بمجيء (أل) اسمًا موصولًا

من الاسم الموصول
نُشر في ملتقى أهل اللغة في أوقات متباعدة أولها 13/ 10/ 1429هـ.
إذا اتصلت (أل) بصفة محضة كـ(الضارب) و(المضروب) و(الحسَن) فجمهور العلماء على أنها حين إذٍ اسم موصول لا حرف تعريف. ونُسب إلى الأخفش أن (أل) لا تكون اسمًا موصولًا، وإنما هي في هذا الموضع حرف تعريف كما هي حرفُ تعريف إذا اتصلت باسم جامد كـ(الغلام).
وقول الأخفش عندي هو الراجح لحجج منها:
1- تقدُّم الجار والمجرور عليها في فصيح الكلام، قال تعالى: ((وكانوا فيه من الزاهدين)) وقال الحماسي:
تقول وصكت صدرها بيمينها: ** أبعليَ هذا بالرحى المتقاعسُ؟
فلو كانت اسمًا موصولًا لم يجُز ذلك. ولمَّا تورّط القائلون بموصوليتها هنا اضطرهم ذلك إلى تكلُّفِ التقديراتِ العجيبة.
2- أنها لو كانت اسمًا موصولًا لكان لها محلٌّ من الإعراب كسائر الأسماء. ودعواهم أنها اسم لا محلّ له من الإعراب خروج عن الأصل المطّرد.
3- أنَّه قد ثبت بيقين وقوعها حرفَ تعريف، فلا يُترك الثابت اليقين الذي يُمكن الحمل عليه إلى غيره لأدنى شبهة.
4- أنَّ هذا يفضي إلى شيءٍ من العَنتِ في نحو (زيد هو القائم)، فإن الكوفيَّ كما حكى ابن عصفورٍ يقدِّر في (القائم) ضميرين: الأول يعودُ على الخبر. والثاني يعودُ على (أل).
5- أنه لا يجوز حذف الضمير المتصل المنصوب بالوصف الذي دخلت عليه، فلا يقال: (جاءتني الضاربُ زيدٌ) في (جاءتني الضاربُها زيدٌ) كما جاز (جاءتني التي ضرب زيد) في (جاءتني التي ضربها زيد).
6- أنك لا تقدِّم وصفها عليها، فلا تقول: (جاء ال زيدًا ضاربُ) كما تقول: (جاء الذي زيدًا ضربَ). ولا اعتدادَ بما ردُّوا به هذا.
7- أنه لم يُسمع حذفُ وصفها ولو شذوذًا كما سُمِع في (الذي) وغيرها نحو قوله:
نحن الألى فاجمع جمو ** عك ثم وجههم إلينا
8- أنها لو كانت اسمًا موصولاً لكان يجب أن تكونَ صلتُها جملةً كما في سائر الأسماء الموصولة، ألا ترى أنه لا يتِمّ المعنى بقولك: (جاء الذي زيدٌ) إذا قدَّرتَه مفردًا حتى تقول: (جاء الذي هو زيدٌ).
9- أنها لو كانت اسمًا موصولاً لما كان في تخصيصها بالوصف الصريح معنًى إذ يجري هذا التقدير أيضًا على غير الوصف الصريح، ألا ترى أنه يمكن أن تقدِّر (أكرمت الرجل) بـ(أكرمت الذي هو رجلٌ).
10- أنها لو كانت اسمًا موصولاً لكان يجوز لك أن تراعي لفظَها ومعناها كما في (مَن) و(ما)، فكنت تقول: (هألاء القوم هم الضاربهم زيد والضاربه زيدٌ) كما تقول: (هألاء القوم هم من ضربَهم زيدٌ ومن ضربه زيدٌ). وهذا لا يُقال.
11- أنك لا تقول: (المجتهد فهو ناجح) فتدخل الفاءَ في خبرِ ما اتصلت به. ولو كانت موصولةً لجاز لك أن تحملَها على (مَن) الشرطية كما حملتَ عليها (الذي) وغيرَها من الموصولات فتقول: (الذي يجتهد فهو ناجحٌ).
12- أنك تقول: (نعم الضارب زيدٌ) ولا تقول: (نعم الذي ضرب زيدٌ). ولو كانت موصولةً لامتنعت كما امتنعت سائرُ الموصولاتِ. هذا هو الوجهُ، وإن لا فقد تتوسع العرب في كلامها فتختصّ بعض الألفاظِ بأحكامٍ دونَ نظائرها استغناءًا كما استغنوا بـ(ترك) عن (ودع) و(وذرَ) وكما استغنوا بـ(مثله) عن (كه) وكما استغنوا بجمع القلة عن الكثرة وبجمع الكثرة عن القلة وكما استغنوا بـ(إليه) عن (حتاه) ، وبـ(افتقر) عن (فقر)، ولكنَّ الحمل إنما يكون على الغالبِ. والأدلة الظنية إذا كثُرت نزلت منزلةَ القطعية.
أما احتجاجهم بعود الضمير إليها في نحو (جاءتني الضاربُها زيدٌ) فمردودٌ، فإن الضمير عائدٌ على الموصوف المحذوف. وقد حذفوه في نحو:
وكم مالئ عينيه من شيء غيره ** إذا راح نحوَ الجمرة البِيض كالدُّمى
ولولا أنّه مقدَّر لما ساغَ عمله عمل اسم الفاعل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق