الخميس، 25 يوليو 2019

من آداب الاستفتاء

نُشر في فسبك وتويتر في 24/ 11/ 1437هـ.
إذا استفتيتَ أحدًا فأبطأ عن جوابك ساعة أو ساعتينِ أو يومًا أو يومينِ فلا تستعجِلْه، فإنَّ ذلك ضربٌ من النزَق والخفّة وسوءِ الأدبِ إلا أن تطولَ المُدَّةُ طولًا يغلبُ على ظنِّك معه أنّه لم يبلغْه سؤالُك أو بلغَه ولكن نسيَ الجوابَ عنه. 
ومتى رأيتَ شيئًا من الأماراتِ التي تشي بقراءتِه لسؤالِك واطّلاعِه عليه كتغريدِه في تويتر أو فسبك إن كان السؤال في أحدهما أو دخولِه الوتسَ إن كان في الوتسِ فلا ينبغي لك أن تفعلَ معَه فِعلَ الشّرطيّ صادف لِصًّا هاربًا فتريَه أنك قد قبضتَ عليه بتهَمة الفِرار من جوابِك وتجعل برهانَك على ذلك الظفرَ به متلبّسًا بالدخولِ أو التغريدِ بعد إرسالك السؤالَ، فإنّه ليس وراءَ هذا من القِحة وصلابة الوجهِ معدًى ولا مطّلَعٌ. 
واعلم أن السائل طالبُ علمٍ ومن الحقِّ على طالبِ العلمِ لطفُ التوصُّلِ وخفضُ الجناحِ ودماثة الجانب، والمجيبَ متفضّلٌ محسنٌ، وما على المحسنين من سبيلٍ. 
على أني لو شئتُ أن أذكرَ لك الأعذارَ التي ربما منعتْه من جوابك في الحالِ لذكرت لك أكثر من سبعين عذرًا كلُّها موجبٌ للإمهالِ وإحسان الظنِّ، فمن ذلك أن يكون الخاصُّ عنده في تويتر أو فسبك متعطِّلًا أو عرضَ له العطَبُ، أو يكون دخلَ على عجلٍ وتخطَّى الخاصَّ ولم يتصفّحه، أو يكون تصفَّحه فقرأ أسئلة غيرك وعميَ عن سؤالك، أو يكون قرأ سؤالكَ ولكنّ في الخاصِّ من مثلِه مئةَ سؤالٍ سابقٍ كلُّها ينتظر الجواب فهو يجيبُ عنها الأولَ فالأولَ، أو يكون قرأه وهو في حالٍ لا تُمكن فيها الكتابةُ كحالِ قيادة السيارة، أو يكون قرأه فلما همَّ بالجواب عنه انقطع به النّتّ أو نابَه أمرٌ جسيمٌ شغلَه عن كلّ شيءٍ، أو يكون قرأه وهو محمومٌ وقيذٌ لا يقوَى على النظر والكتابة، أو وافاه سؤالُك وهو مهمومٌ تالفُ النفسِ ضيقُ الصّدر ممزّقُ القلب لنازلةٍ ألمّت به، أو زاحمتْه الشغولُ وتراكمت عليه الأعباءُ فاستأثرت بوقتِه وحالت بينه وبين وَشْك الجواب، أو لعلّه قرأ سؤالك فجعلَ يديرُه في ذهنِه أو يستوثقُ له بمراجعةِ كتبه ليكون جوابُه لك عن فكرةٍ وبحثٍ ورويّةٍ. 
قال تعالى: ((ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم)). 
ثم قال بشار بن برد: 
* وليس للملحِفِ مثلُ الردِّ *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق