الأحد، 4 يونيو 2017

في عادات القدماء ومعاني شعرهم

نُشر مفرّقًا في تويتر وآسك وفسبك في أوقات مختلفة.
- قال أبو حيان: (أصل الكُنى اعتبار ما وُلد للإنسان... وهذا موجود في العرب، يكنون حتى بالإناث، فكنوا حاتمًا بأبي سفّانة...).
قلت:
ولكن منهم أيضًا من كان يعيب الاكتناء بأنثى، فقد حُكي أن حسان لقي الحطيئة فقال: ما كنيتك؟ قال: أبو مليكة. قال: ما كنت قطّ أهون عليّ منك حين اكتنيت بامرأة.
- ذكر أبو الفرج في "الأغاني" أن الغناء العربي لم يكن معروفًا في زمن عمر رضي الله عنه إلا ما كان من النصب والحداء. وهما جاريان مجرى الإنشاد إلا أنهما يقعان بتطريب وترجيع يسير.
قلت: لعله يريد أن ذلك لم يكن ظاهرًا في مجتمعهم وإن كان موجودًا سواءًا الناي ونحوه وذوات الأوتار كما قال لبيد:
وصَبوح صافية وجذب كرينةٍ ** بموتّر تأتاله إبهامها
وقال الحماسي:
والكُثر والخفض آمنًا ** وشِرَع المِزهَر الحَنون
والشِّرَع: الأوتار.
- المطاعم قديمة، ففي ترجمة إسماعيل بن يسار في "الأغاني" أن أباه كان يصنع طعام العُرس ويبيعه.
- ذكر الجاحظ في "البيان والتبيين" أن الناس قد يلبسون الخِفاف في الصيف إذا دخلوا على الخلفاء والأمراء لأن ذلك أشبه بالاحتفال والتعظيم.
- الظاهر أن الأرآم التي تُذكر في الشعر القديم قد انقرضت لأن العلماء يصفونها بأنها خالصة البياض، وأنه لا يخالط بياضها شيءٌ. وهذه صفة لا نجدها في شيء من الظباء الموجودة اليومَ.
- س: هل يجوز التفدية بالهيّن الدُّون كقولهم: (يفديك كلُّ جبان)؟
ج: الأصل في التفدية أن تكون بالشريف الغالي كقولهم: (فداك أبي وأمي) وكقول أبي الغول الطهوي:
فدت نفسي وما ملكت يميني ** فوارسَ صدّقت فيهم ظنوني
وكقول الأعشى:
فدًى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ** وراكبها يوم اللقاء، وقلّتِ
ولكن قد تكون التفدية بما يُظنّ أو يَظنّ نفسَه غاليًا وهو هيّن رخيص، وذلك كقول الشاعر:
ولا تبعَد أبا هند، ولكن ** فِداكَ العاجز الجِبس البخيلُ
وقد يكون منه قول حسان:
أتهجوه ولست له بكفءٍ؟ ** فشرّكما لخيركما الفداءُ

- اتخاذ نعل خاصّ للكنيف أمر قديم، قال الواساني (ت 394):
فانتفا لحيتي وجزّا سبالي ** وبنعل الكنيف فاستقبلاني
- ذكر ياقوت في ترجمة أبي هفان في "معجم الأدباء" أن اسمه الكنيف عند أهل بغداد المستراح، وعند أهل البصرة المتوضأ، وعند أهل الكوفة الكنيف، وعند أهل الحجاز الحشّ. وذكر ابن عبد ربّه في "العقد الفريد" أن أهل اليمن يسمون الكُنُف المراحيض، وأهل مكة يسمونها المخارج، وأهل الشام يسمونها المذاهب. وقد استفدتّ هذا النقل الأخير من صاحبي أبي تراب الحزمي.
- ذكر الجاحظ أن أهل البصرة إذا أرادو
ا تصغير إنسان صيّروه على (فعلويه) كما قالوا في (محمد): (حمدويه) وفي (عَمْر): (عمرويه). وقرأت في بعض الكتب ما يدلّ على أن من صِيَغ التصغير في عامية ذلك العصر (فَعلونة). وذلك كقولهم في (عائشة): (عيشونة).
- كان الرجل قديمًا إذا اشتدّ عليه البرد فربما أدخل يديه ورجليه في الكرش ليدفأ، قال الشاعر:
وليلةٍ يصطلي بالفرثِ جازرُها ** يختصّ بالنقرى المثرين داعيها
- أشدّ الهجاء عند العرب ما كان فيه حطّ للمرء عن أقرانه وأنداده. ولهذا فضّلوا بيت جرير:
فغضّ الطرف، إنك من نمير ** فلا كعبًا بلغتَ ولا كلابا
- السّفَر يغيّر أخلاق الرجال. ولهذا قال الشاعر:
* مِن أين ألقَى صاحبًا مثل عُمَرْ؟ *
* يزداد طيبًا كلما زاد السّفَرْ *
- في وقت الغيوم والأمطار يلَذّ اللهو كما قال المنخل اليشكري:
ولقد دخلت على الفتا ** ة الخدرَ في اليوم المطير
ومنه قول امرئ القيس:
وبيتِ عذارى يومَ دجن ولجته ** يطفن بجمّاء المرافق مكسالِ
وقول طرفة:
وتقصير يوم الدجن، والدجن معجِبٌ ** ببهكنةٍ تحت الخِباء المعمَّدِ
- قد تمدح العربُ الرجلَ وإن كان مسِنًّا بوصفه بـ(الفتى). وهو مستفيض ذائع في شعرهم، ولكنهم لا يستحبون الوصف بـ(الغلام) إلا لمن كان حدثَ السنِّ.
- قال الشاعر يمدح قومه:
جُفاة المحزّ لا يصيبون مفصِلًا ** ولا يأكلون اللحم إلا تخذُّما
فمدحهم بأنهم ملوك لا يحسنون تقطيع اللحم لأن لهم كُفاة.
- تشبّه العرب عضلات الرجل البارزة بالأرانب والجِرذان، قال الراجز:
* كأنّ تحت جلده إذا احتفَزْ *
* في كلّ عضوٍ جُرَذين أو خُززْ *
- كثرة الأكل مذمّة عند العرب بلا شك. وشواهد ذلك كثيرة، منها قول أعشى باهلة:
طاوي المصير على العزاء منصلت ** بالقوم ليلة لا ماء ولا شجرُ
وقول دُريد بن الصِّمّة:
تراه خميص البطن والزاد حاضر ** عتيد ويغدو في القميص المقدَّدِ
- لا يُمدح الرجل بدوام جِدّه، ولكن يمدح بجده في موضع الجد وهزْله في موضع الهزل، يؤيّد هذا قول العُجير السلولي:
أخو الجد إن جد الرجال وشمروا ** وذو باطل إن شئتَ ألهاك باطلُه

هناك تعليقان (2):

  1. بعدالسلام أُخَي الحبيب ؛ لعلَّ الأرآم هنا هي الظَّأن (الظاهر أن الأرآم التي تُذكر في الشعر القديم قد انقرضت لأن العلماء يصفونها بأنها خالصة البياض، وأنه لا يخالط بياضها شيءٌ. وهذه صفة لا نجدها في شيء من الظباء الموجودة اليومَ.) جاء(والطَّلَى: الصغيرُ من كلِّ شيءٍ، وقيل: الطَّلى هو الولد الصغيرُ من كلِّ شيءٍ؛ وشبه العجَّاج رَمادَ المَوْقِد بَينَ الأَثافي بالطَّلَى بين أُمَّهاتِه فقال: طَلَى الرّمادِ اسْتُرْئِمَ الطَّلِيُّ أَرادَ: اسْتُرْئِمَهُ؛ قال أَبو الهيثم: هذا مَثَل جعلَ الرَّمادُ كالولد لثلاثةِ أَيْنُقٍ، وهي الأَثافي عَطَفْنَ عليه؛ يقول: كأَنَّما الرَّمادُ ولدٌ صغيرٌ عَطَفَتْ عليه ثلاثة أَيْنُقٍ.) وجاء وقد خالف بين العين والأرآم (أَنشد الأَصمعي لزهير: بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفَةَ،وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ ابن سيده: والطَّلْوُ والطَّلا الصغيرُ من كلِّ شيءٍ، وقيل: الطَّلا ولَدُ الظَّبْية ساعة تَضَعهُ، وجمعه طِلْوانٌ، وهو طَلاَئم خِشْفٌ، وقيل: الطَّلا من أَولادِ الناسِ والبَهائمِ والوَحْشِ من حينِ يولدُ إِلى أَن يَتَشدّدَ.) والله أعلم.

    ردحذف
  2. تعليق آخر (الآرام: الأَعْلامُ، أَو خاصٌّ بعادٍ، الواحدُ: إِرَمٌ، وإِرَمِيٌّ، وأَرَمَيٌ، وأيْرَمِيٌّ ويَرَمِيٌّ.) قوله يَرَمِيَّ هو اليرمع الحجارة البيض سريعة التَّفتّت كالظَّأن ولحمها.

    والله أعلم.

    ردحذف