الأحد، 9 يوليو 2017

مسائل إملائية في الشكل

نُشر مفرّقًا في تويتر وملتقى أهل اللغة في أوقات مختلفة.
- من العلماء من يرى الضبط التامّ لكلِّ حرفٍ ما يُشكِل منه وما لا يُشكِل. وقد ذكر ياقوت في تَرجَمةِ عليِّ بن زيد القاشانيِّ (ت بعد 411) أنه (صاحب الخطِّ الكثير الضَّبْطِ المعقَّد. سلكَ فيه طريقة شيخِه أبي الفتحِ) [معجم الأدباء 4/ 1759]، فهذا يدلّ على أن ابن جني كان يرى هذا الرأي.
ومنهم من يرى الاقتصار على ضبط ما يُشكِل. وقد نقل ابن السراج عن أبي محمد اليزيدي (ت202) أن الإيجاز في الضبط أحسن، وذلك قوله: (فإذا جاء شيء يُستدل بغيره عليه تُرك [أي ضبطُه] للإيجاز). ومثّلَ لهذا.
والمذهب الثاني أسَدّ وأجودُ، فينبغي أن يُضبط من الأحرف ما يُخشى زللُ كثير من أوساط قرّائِه فيه عادةً أو أن يُبطّئ من تحدّر قارئه في قراءته بسبب حاجته إلى التأمّل في النصّ للاهتداء إلى صواب الضبط. وهذا أمر تقريبيّ لا حدّ قاطع له.
- من المؤسف أن تُضطرّ أحيانًا إلى الاستعانة بالترجمة الإنجليزية لعلَمٍ عربيٍّ لتتعرَّف ضبطَه! أفليس في العربيَّة من الشَّكل ما يؤدّي هذا الغرض، فلِمَ لا يُوضَع؟!
- إذا دخلت لام التعريف على كلمة أولها لام، فحق الشدَّة أن توضع على اللام الثانية كـ(اللَّيل) لأن الأولى مدغمة فيها إذْ كانتا متماثلتين. وقد كان الوجه في الإملاء أن تكتب بلام واحدة مشددة (الّيل) كما تكتب (شَدْدَ) هكذا (شدَّ)، ولكنهم عدُّوا لام التعريف كالكلمة المستقلّة فألحقوها بنحو (بل لّا).
- س: ما القول في ضبط (الْلَذان) هكذا بسكون على اللام الأولى وفتحة على اللام الثانية؟
ج: إذا التقى مِثلانِ وجبَ إدغامُ أحدِهما في الآخَرِ، فإن كانا في كلِمة رُسِما حرفًا واحدًا مشدَّدًا نحو (جلَّ)، أصلُها (جَلْلَ). وإن كانا في كلمتينِ أو شِبههما رُسِما حرفينِ الثاني منهما مُشَدَّدٌ نحو ((بل لَّا يخافون الآخرةَ)). ولا تنطِقُها ثلاثَ لاماتٍ لأن اللام الأولَى جُعِلت لامًا مُدغمةً في اللام الثانية، كما أنك لا تنطقُ النونَ في نحوِ ((فمن يَّعمل)). ولو قرأتَها كما هو مقتضَى الخطِّ لنطقتَ نونًا وياءَينِ. وهذا لا يصِحُّ. ومن هذه البابةِ (اللَّذانِ)، فلو كانَت اللامانِ في كلِمةٍ واحدةٍِ لكُتبتا (الَّذانِ)، ولكنَّهم عدُّوهما في كلِمتينِ فتركُوا اللامَ الأولَى إشعارًا بالأصلِ ودلالةً عليه، فلذلك تكتبها (اللَّذانِ).
أما من يكتبها (الْلَذانِ) فمخطئ لأنه لم يُدغِم، ولو أدغَم لشدَّدَ لأن علامةَ الإدغام الشدَّةُ. والإدغامُ هنا واجبٌ لأنهما مِثلانِ.
فإن قالَ: وما يمنع من أن أدغِمها وهي مكتوبةٌ على هذه الصورةِ؟
قيلَ له: لا بُدَّ لك حين إذٍ من وضع الشدَّة على اللام. وهذا اصطلاحُ الكُتَّابِ، قال الخليلُ: (التشديدُ علامةُ الإدغامِ).
فإن قالَ: هَبْ أني لم أدغِم، فأيُّ شيءٍ يختلِف؟
قلتُ: الإدغامُ يوجبُ نطقَ الحرفينِ جُملة واحدةً من غير مُهلةٍ بينهما حتى كأنَّهما حرفٌ واحدٌ. ولهذا زعم بعضُهم أن زمان نطقهما أقصر من زمان النطق بالصوتينِ غيرِ المدغَمين . وآيةُ ذلكَ أنَّك لا تدغِم الواو في نحو ((قالوْا وَما))، فلا تقول: (قالوا وَّما) لأنك لو أدغمتَها لسلبتَها المَدَّ. وهذا مرفوضٌ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق