الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

المنقوص النكرة في آخر البيت يرسم بإثبات الياء أم بحذفها؟

في الوقف والابتداء
نُشر في فسبك في 9/ 5/ 1437هـ.
س: أيُكتب المنقوص النكرة المرفوع والمجرور إذا وقع آخر كلمة في البيت كقول زهير:
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ** ولكنني عن علم ما في غدٍ عَمِ
بحذف الياء (عمِ) أم بإثباتها (عمِي)؟ 
ج: في هذا وجهان: 
الأول: أن تكتبه بحذف الياء. وهو أجود. وذلك لأن قوافي الشّعر تُبنى على رِعاية حال الوقفِ إلا أنه إذا كان حرفُ الرويِّ مطلقًا فإن حركته تُشبع إن لم تكن كذلك حتى تستحيل حرفًا من حروفِ العِلّة ألفًا أو واوًا أو ياءًا، ولكنه لا يُصوّر في الخطّ منها إلا الألفُ. 
مثال ذلك قولُ قطريّ: 
سبيلُ الموت غايةُ كلّ حيّ ** فداعيه لأهلِ الأرضِ داعِ 
فأصلُ الوقفِ على (داعِ) بالإسكان لأنه اسمٌ منقوصٌ مجرور نكرة. والياء التي تُنطق في آخرِه هي ياء الإطلاقِ كالياء التي في قولِ امرئ القيس: 
* قِفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ *
وياء الإطلاق تُنطق ولا تُكتب. 
وهذا القول هو الراجح على قياس قول سيبويه وابن السرّاج وغيرهما. ونصَّ على اختيارِه في القوافي أبو العلاء المعرّيّ (عبث الوليد ص182). 
الثاني: أن تكتبه بإثبات الياء. وذلك على لغةِ من يقف على المنقوص المرفوع أو المجرور النكرة بالياء، فيقول: (هذا قاضٍ عادل)، فإذا وقفَ قال: (هذا قاضي) فردَّ الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين لأن التنوين يُلقَى في الوقفِ فلا يلتقي ساكنان حين إذ. وقرأ ابن كثير وابن محيصن: ((ولكل قوم هادي)) ونحوَه بالوقف عليه بالياء. 
فتكتبها على هذا الوجه: 
* فداعيه لأهل الأرض داعِي * 
وهذا الوجه هو المختار في قياس قول المازني والزجاجي لأنهم يكتبون (هذا قاضي عادلٌ) بالياء إذ ينوّنونها في الوصل، فإذا وقفوا عليها ردّوا الياء المحذوفة. وإنما كتبوها بالياء مراعاة لحال الوقفِ، والإملاءُ مبني على الوقفِ. وهم يرون الوقف عليها بالياء أجودَ من الوقف عليها بالإسكان لزوال علّة حذف الياء. وقولهم هذا مخالفٌ لما عليه أكثرُ العرب من الحذف، ولما يصحّحه القياس لأن العِلّة وإن زالت فالوقف عارضٌ، فلا يُعتدّ به. وفي هذا يقول ابن السرّاج: (وقد حُكي عن بعض العرب أنه يقول في الوقف: هذا قاضي.. فمن كانت هذه لغته فحقّه أن يكتب جميع هذا بالياء كما أنه يقف على الياء. والأكثر وما عليه الناس ما بدأت به من الوقوف والكِتاب بغير ياء). 
وإذن فالأجود أن تكتب قولَ زهيرٍ: 
وأعلمُ ما في اليومِ والأمسِ قبلَه ** ولكنني عن علمٍ ما في غدٍ عمِ 
بالحذف. ويجوز الإثبات (عمِي).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق