الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

حكم إثبات الألف المبدلة من تنوين النصب في الاسم الممدود

في باب الحذف
نُشر في فسبك في 12/ 5/ 1437هـ.
س: ما الراجح في الألف المبدلة من تنوين النصب في الاسم الممدود، أن تُكتب نحو (نداءًا) أم تُحذف نحو (نداءً)؟
ج: في هذه المسألة ثلاثة مذاهب: 
الأول: رسمها هكذا (نداأًا) بألفات ثلاث. 
الثاني: رسمها (نداءًا) بألفين. وهو مذهب جمهور البصريين. وزعم الأخفش الأصغر أن البصريين لا يجيزون غيرَه. 
الثالث: رسمها (نداءً) بألف واحدة. وهو مذهب الكوفيين وبعض البصريين. وعليه رسم المصحف. وهو الشائعُ اليومَ. 
والراجح عندي هو المذهب الثاني (نداءًا). وذلك لعللٍ منها: 
1- أنه حدُّ القياس لأن الأصل (نداأًا) بثلاث ألفات، الأولى للمدّ والثانية صورة الهمزة والثالثة البدل من التنوين، فيلتقي مثلان أحدهما صورة للهمزة فيُحذف كما يُحذف في (ساءَل) و(براءة) و(مآب) و(رءُوف). والأصل (ساأل) و(براأة) و(مأاب) و(رؤوف). وذلك كراهية اجتماع حرفين من جنس واحد أحدُهما ليس مؤثّلًا، وإنما هو صورةٌ للهمزة ومتَّكأ لها. 
2- أنّه يفرق بين المصروف والممنوع من الصرف فيحولُ دون التباس أحدهما بالآخر. وذلك أنك إذا أثبت الألف الثانية عرَف القارئ أنها مصروفة لأن الألف إنما تثبت في الوقف بدلًا من التنوين في الوصل فينوّنها إذا وصلَ ويقفُ عليها بالألف. مثال ذلك أنك إذا كتبت (سمعتُ أنباءًا كثيرة) عرف أنها مصروفة فنوّنها وصلًا ووقفَ عليها بالألف. فإذا رآك كتبتَ (لقيتُ علماءَ راسخين) عرف أنها ممنوعة من الصرف فسلبَها التنوين وصلًا ووقف عليها بإسكان الهمزة. ولو رُسم المصحف على هذا لامتاز المصروف المنصوب بالممنوع من الصرف فلم نرَ من يخطئ فيقف على ((وأنزل من السماء ماءًا)) بالإسكان (ماءْ)، ولا من يخطئ أيضًا فيقف على نحو ((جعله دكاءَ)) بالألف. والتنوين لا يفي بهذا لأنه قد يُحذف في الرسمِ أحيانًا. وهو أيضًا يبيِّن حال الوصل، ولكنه لا يبيِّن صفةَ الوقف. وكثير من الناس قد يخفى عليه أن ما يُنوّن في الوصل يوقف عليه بالألف، وما لا يُنوّن يوقف عليه بإسكان الهمزة. 
أما المذهب الأول فهو جارٍ على القياس الأول. غير أنه قياس ماضٍ في ما لم يلتق فيه مثلان لأنه ينبغي حين إذ حذف أحدهما. 
وأما المذهب الثالث، وهو رسمُها بألف واحدة، فيُعترض عليه بأمور منها: 
1- أنّ فيه خروجًا عن القياس لغيرِ علّة مرضيّة إذ اجتماع مثلينِ بينهما همزةٌ (اءا) غير مستكرَه ولا مرفوض. وقد يقع ذلك كما في نحو (قراءات). 
2- أنا لو سلّمنا باجتماع المثلين في هذا فإن في رسم ألف واحدة إجحافًا مخِلًّا إذ فيه حذف ألفين من ثلاثة. وقد رأيناهم احتملوا التقاء مثلين ونكلوا عن طردِ قياس الحذف. وذلك في الفعل المسند إلى ألف الاثنين نحو (هما قرَأَا) محميةً من إفضاء ذلك إلى اللبسِ لو حذفوا. فكذلك ينبغي أن يُحتمل اجتماع مثلين لو صحّ هذا مخافةَ الإجحاف. والإجحاف من موانع طردِ القياس. 
3- أنّا لو سلّمنا أيضًا باجتماع المثلين وأنه ليس في حذف ألفين من الثلاثة إجحاف فإنه ينبغي أن يردعَنا عن هذا الحذفِ أداؤه إلى الخلط بين ما ينصرف وما لا ينصرف كما مرّ تِبيانُه، فيُمتنع منه كما امتُنع منه في (قرأا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق