الأحد، 15 أبريل 2018

أعاريب متفرقة

نُشر مفرّقًا في تويتر وآسك وملتقى أهل اللغة في أوقات مختلفة.
- س: ما إعراب (الحي القيوم) في قولنا: (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو [الحي القيوم] وأتوب إليه)؟ 
ج: يجوز في (الحيّ) الرفع والنصب. 
أما الرفع فعلى أن يكون عطف بيان من (هو) أو نعتًا مقطوعًا للفظ الجلالة (الله). 
وأما النصب فعلى أن يكون صفة للفظ الجلالة.
و(القيوم) يتبع في إعرابه (الحيّ). 
- س: (هذا كونٌ لا متناهٍ) ما إعراب (لا متناهٍ)؟
ج:هذا الأسلوب جائز في قول المبرد وابن كيسان. وتكون (متناهٍ) حين إذ نعتًا لـ(كون)، وذلك أنهما لا يوجبان تكرار (لا). وهو الراجح. والجمهور لا يجيزون هذا الأسلوب ويوجبون التكرار كأن تقول: (هذا كون لا متناهٍ ولا محدودٌ).

- س: قال الشاعر: 
رمضان يا عرس الزمان وبهجة ** تقضي على الأحزان والآهات 
ما الأوجه الإعرابية الممكنة في كلمة (بهجة)؟ 
ج: يجوز في (بهجة) النصب والبناء على الضم. أما النصب فعلى أن تكون شبه مضاف لأنها موصوفة بالجملة بعدها. وهو أجود. وأما البناء على الضم فعلى أن تكون نكرة مقصودة، ونُوّنت ضرورة، والجملة بعدها استئناف. ومنه قول الشاعر: 
* يا دار حسرها البلى تحسيرا * 
والفراء يجيز بناء المنادى الموصوف على الضم مطلقًا حتى وإن لم يمكن تقدير صفته جملة استئنافية خلافًا لسيبويه. 
- س: قال الشاعر: 
كذاك أُدِبْتُ حتى صار من خُلُقي ** أني وجدت ملاك الشيمة الأدب 
ما إعراب (الأدب)؟ 
ج: قوله: (إني وجدت ملاكُ الشيمة الأدبُ) يروى مرفوع القافية. ورواه أبو تمام بالنصب ثانيَ بيتين لبعض فَزارة. 
أما النصب فلا إشكال فيه. وأما الرفع فضرورة. وله تخريجات منها: 
الأول: أن تجعل (وجدت) ملغاة مع تقدمها. وهذا ضعيف. 
الثاني: أن تجعل (وجدت) عاملة معلقة عن العمل بلام ابتداء مقدر. 
الثالث: أن تجعل (وجدت) عاملة أيضًا وتجعل مفعولها الأول ضمير الشأن، والثاني جملة (ملاك الشيمة الأدب). والتقدير (وجدته ملاكُ الشيمة الأدبُ) أي وجدت الشأن. 
- س: قال عنترة: 
فسينبيكِ أنَّ في حدِّ سيفي ** ملكَ الموتِ حاضرٌ لا يغيبُ 
ما إعراب (حاضر)؟ و هل يجوز نصبها حالًا؟ 
وعليكم السلام. 
ج: في هذا البيت أربعة أوجه: 
1- (في حدّ سيفي ملكُ الموتِ حاضرٌ) برفع (ملك) مبتدءًا و(حاضر) خبرًا. وتكون الجملة في محل رفع خبرًا لـ(أنّ). و(في حد سيفي) متعلّقان بالخبر. واسمها ضمير الشأن محذوف. وهذا جائز في ضرورة الشّعر. 
2- (أن في حدّ سيفي ملكَ الموتِ حاضرًا) بنصب (ملك) اسمًا لـ(أنّ) و(حاضرًا) حالًا من خبرِ أنّ المتقدّم (في حدّ سيفي). 
3- (أنّ في حدّ سيفي ملكُ الموتِ حاضرًا) برفع (ملك) على أن يكون مبتدءًا خبرُه الجار والمجرور (في حدّ سيفي). و(حاضرًا) حالٌ من الخبر. والجملة في محل رفع خبر أنّ. واسمها ضمير الشأن محذوف. وهذا خاصّ بالشّعر.
4- (أنّ في حدّ سيفي ملكَ الموت حاضرٌ) بنصب (ملك) اسمَ أنّ ورفع (حاضر) خبرًا لها. و(في حد سيفي) متعلّق بالخبر (حاضر). وتقدّم معمول الخبر على الاسم والخبر جائز عند سيبويه. ومنعه الأخفش. 
وأجودُ هذه الأوجه الوجه الثاني لاتفاقهم على جوازِه ولرُجحانِ نصب (حاضرًا) على الحالية دون الخبرية لأنك لو وقفتَ على (ملك الموت) لتمّ الكلام. 
هذا مع التنبيه على أن هذا البيت مصنوعٌ على عنترة. 
- لك أن تقول: (أحسنْ إلى الناس سواء أأحسنوا إليك أم لم يحسنوا) برفع (سواء) ونصبه. الرفع على الخبرية، والنصب على الحالية. 
- س: ما نوع (مِن) في قولهم لأشعب: (ما بلغَ من طمعِك)؟ وما نوعها في ما جاء في السيرة: (حتى اجتمعوا عنده من رجل ورجلين)؟ وهل يصِحّ أن تكون (مِن) هنا زائدةً ويكون (رجل) حالًا؟ 
ج: أما المثال الأول فالجيد أن تكون (ما) مبتدءًا، وفاعل (بلغ) ضميرًا مستترًا يعود إلى (ما)، ويُقدّر لـ(بلغ) مفعولٌ محذوفٌ تقديره (الغاية)، و(مِن) لبيان جنس (ما). ووقوعها بهذا المعنى بعد (ما) كثيرٌ لإبهامِها. ويكون المعنى (ما الذي هو من طمعك قد بلغَ الغايةَ؟). 
ولا يجوز أن تكون هنا زائدةً لأنها إنما تزادُ في قول البصريين بعد الاستفهام إذا كان بـ(هل) خاصةً ولأنّه يقال في الجواب: (بلغ من طمعي) فتثبُت. ولو كانت زائدةً لسقطت لأنها لا تثبت في الواجب. 
وأما المثال الثاني فالظاهر أن (مِن) زائدة و(رجل) حالٌ. وزيادة (مِن) في الإيجاب وفي الحال أيضًا نادرةٌ خارجةٌ عن القياس. 
- س: ما إعراب (مطلقًا) في قول المناطقة: (أعم مطلقًا وأخص مطلقًا)؟ 
ج: يجوز أن يكون (مطلقًا) اسم مفعول من (أطلق) فتعرب حالًا موكدة لمضمون الجملة قبله. ويجوز أن يكون مصدرًا ميميًّا فيكون بمعنى (إطلاقًا) ويعرب مفعولًا مطلقًا موكدًا لمضمون الجملة قبله أيضًا. وذلك أنه لما قال: (هو أعمّ) دلّ ذلك على أنه مطلق غير مقيّد، ولم تفد كلمة (مطلقًا) معنًى جديدًا إذ كان هذا هو الأصل، ولكنه ذكره توكيدًا لرفع الشكّ ونفي الاحتمال. 
- س: ما الصحيح من هذه الجمل: (جاء رجل عقلاءُ أبناؤه) و(جاء رجل عاقلةٌ أبناؤه) و(جاء رجل عاقلٌ أبناؤه)؟ 
ج: الصحيح جوازُ هذه الجمَل كلِّها. 
أمّا (جاءَ رجلٌ عُقَلاءُ أبناؤه) فلها توجيهان: 
الأوّل: أن يكون (عُقلاء) نعتًا لـ(رجلٌ). وبعض العلماء يقدِّم هذا الوجهَ على الإفرادِ كما في الجملةِ الثالثة. 
الثاني: أن يكون (عقلاءُ) خبرًا لـ(أبناؤه) مقدَّمًا وتكون جملة (عقلاءُ أبناؤه) في محل رفعٍ نعتًا لـ(رجل). 
وتظهر فائدةُ هذا التوجيه في غير الرفعِ، نحو (رأيتُ رجلًا عُقلاءُ أبناؤه)، فإنه يجوز لك الرفعُ كما يجوز النصب. 
أما (جاء رجلٌ عاقلةٌ أبناؤه) فلها توجيهانِ أيضًا: 
الأول: أن تكون (عاقلةٌ) نعتًا لـ(رجل). وذلك أن النعتَ إذا كانَ سببيًّا جرَى في التذكير والتأنيث مَجرى فعلِه. ولما كان يجوز في فعلِه أن تقول: (جاءَ رجلٌ عقَلَت أبناؤه) من قِبَل أن جمع التكسير يُذكّر المسنَد إليه ويؤنّث، فكذلك يجوز في النّعت. 
الثاني: أن يكون (عاقلة) خبرًا مقدّمًا لـ(أبناؤه)، وجملته في محلّ رفعٍ نعت. 
أما (جاءَ رجلٌ عاقلٌ أبناؤه) فظاهرة. وهي نعتٌ لـ(رجل). ولا يجوز أن تكون خبرًا مقدّمًا لـ(أبناؤه) لأنك لا تقول: (الأبناء عاقل). 
- س: أيّ الصواب (أنثى لا ذكرَ معها) أم (أنثى لا ذكرٌ معها)؟ 
ج: كلاهما صواب. 
أما الفتحُ فعلى أن تكون (لا) نافيةً للجنس. وأما الرفع فعلَى إعمالِ (لا) عمَلَ ليسَ. وهو وجهٌ قائمٌ. وقد مثَّل له سيبويه بقوله: (لا أحدٌ أفضلَ منك). والمبرِّد يجيز أن تكون (لا) هنا غيرَ عاملةٍ لأنه لا يشترِط التَّكرار. 
والفتحُ أجْوَد لكثرتِه وشيوعِه في كلامِهم. 
- رأيي في توجيهِ قراءة ((ويخشَ الله ويتقْه)) بإسكان القاف أنَّه خفَّفَها تخفيفَ (كَتِف). وهذا جائزٌ مطَّرِدٌ في الاسمِ والفعلِ إذا اتّصلَ بهما ضميرٌ كما يجوز في الكلِمة الواحدةِ، وليس شاذًّا ولا مقصورًا على الشِّعر كما يقول البصريونَ. وقد حكَاه أبو عَمْر بنُ العلاءِ [المحتسب 1/ 109]، والفرّاءُ [لغات القرآن له 30] عن تميمٍ وأسدٍ وبعضِ أهلِ نجدٍ. ومنه قراءة ((فتوبوا إلى بارئْكم)) و((وبعولتْهنّ أحقّ بردّهنّ))، و((ورسُلْنا لديهم يكتبون))، فـ(رِئِك) كـ(إِبِل)، و(لَتُه) كـ(عَضُد)، و(سُلُن) كـ(عُنُق). ومنه أيضًا من الشِّعر قوله: 
سيروا بني العَمّ، فالأهوازُ منزلُكم ** أو نهرُ تِيرى، ولا تعرِفْكم العربُ 
وقولُه: 
رُحتِ وفي رجليكِ ما فيهما ** وقد بدا هَنْكِ من المئزرِ 
فأما قولُ امرئ القيس: 
فاليومَ أشربْ غيرَ مستحقِبٍ ** إثمًا من اللهِ ولا واغلِ
فضرورةٌ لأنَّه غيرُ جارٍ على هذا الحدِّ إذْ لم يتَّصِل بآخرِ الكلِمة ضميرٌ.

- لا يجوز إعراب (الجنّة) في قوله تعالى: ((من الجنة والناس)) مضافًا إليه على تقدير (من شرّ الجنة) لأنه إذا حُذِف المضافُ ونابَ المضافُ إليه مَنابه فإنه يخلفه في إعرابه، فلا يقال في (من الجنَّة): إن (الجنَّة) مضافٌ إليه، والمضاف (شرّ) محذوف. بل تكون (الجنَّة) على تقدير المعنى المذكور اسمًا مجرورًا بحرف الجرِّ. ومن ما يدلك على صواب ذلك نحوُ قوله تعالى: ((واسأل القرية))، فإنَّ (القرية) في الأصلِ اسمٌ مجرور بإضافة (أهل) إليه. فلما حُذِف هذا المضاف وكان منصوبًا على المفعولية أُعرِب المضافُ إليه إعرابَه. وقد يخطئ بعض المعرِبين من العُلماء وغيرِهم فيعرِب نحو قوله: (سرتُ حثيثًا) إما بأن يجعلَ (حثيثًا) نائب مفعول مطلق أو نعتًا لمفعول مطَلقٍ محذوفٍ - وذلك في قول غير سيبويه -. فأمَّا الأول فلا يصِح لأنَّه ليس من وظائف الكلمة بعدَ التركيب هذه الوظيفة. وأمَّا الثاني فممتنعٌ من حيث إنَّ التابعَ - كالمضاف إليه - يقومُ مَقام المتبوع إذا حُذِف. وآية ذلكَ أنك تعرب نحو (مررت بجالسٍ يضحَك) فتقول في (جالس): (اسم مجرور بالباء). ولو أنَّا لم نعطِه الوظيفة التي كانت لموصوفه المحذوف لقدَّرنا حذفَ الاسم المجرور بالحرف، وهذا لا يجوز البتةَ كما هو معلومٌ. كما أنا لو قدَّرنا ذلك لم يجُز أن نجعلَ جملة (يضحك) وصفًا لـ(جالس)، وإنما تكونُ وصفًا للاسم المحذوف. وهذا ما لا يَقول به من يقول في إعراب (حثيثًا): نعتٌ لمفعول مطلق محذوف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق