نُشر مفرّقًا في تويتر وفسبك وآسك وملتقى أهل اللغة في أوقات مختلفة.
- يدعو بعض الناس اليوم إلى ترجمة بعض أسماء البرامج كـ(تويتر) و(الفسبك) و(السناب). وهذا غلط، إذ هي أسماء أعلام، وليست أسماء أجناس، وأسماءُ الأعلام حقّ لواضعها. وما هو من هدي العرب ترجمتها، وإنما تُعرّب بالقدر الذي ينقيها من أوضار العُجمة كالتخلص من البدء بساكن، ومن التقاء ساكنين.
- إذا وجدتَّ أحد العلماء المتقدمين يصف كلمة ما بأنها (رومية) فهي يونانية غالبًا، وليست لاتينية كما قد يُظنّ. وإذا وصفها بأنها (نبطية) أو (سوادية) فهي سريانية. وإذا وصفها بأنها (شامية) فهي إما يونانية أو سريانية.
- تعجبني شجاعة العامّة في الاختزال من الألفاظ الأعجمية كقولهم في (إنستقرام): (إستقرام) وفي (وتساب): (الوتس) وفي (سناب شات): (السناب) وفي (الفيسبك): (الفيس). ومثله قديمًا تسميتهم (أرسطوطاليس): (أرسطو) و(النردشير): (النرد).
- (الحياد) في اللغة مصدر (حايده) إذا جانبه ومال عنه. واستعماله بمعناه المعروف عند المعاصرين استعمال محدَث. وهو صحيح سائغ لأن الانحياز إلى الشيء يُعدّ ميلًا إليه كما قال تعالى: ((فلا تميلوا كل الميل))، فكذلك يُعدّ عدم الانحياز إليه ميلًا عنه. وهو (الحياد) و(المحايدة).أما (الحيادية) فلا أراها تصحّ إذ لا وجه لها.
- لا تعرف العرب (المِنطَقة) بمعنى القطعة من الأرض، وإنما المِنطقة عندهم النّطاق، وهو الحزام الذي يُشدّ به الوسط، فجعله المعاصرون اسمًا للإقليم مجازًا مرسلًا بعد استعارة إذ شبهوا الحدود بالمنطقة ثم أطلقوها على ما تشتمل عليه من الأرض. وهي بكسر الميم وفتح الطاء، اسم آلة. ومنه قول علي رضي الله عنه في النطاق، وهو بمعنى المنطقة: (اتسع نطاق الإسلام). وقد صحّح مجمع اللغة بالقاهرة ضبطها بفتح الميم وكسر الطاء (المَنطِقة) على أن يكون اسم مكان، بتخريج فيه بعض التكلف لأن فيه مع ارتكاب الاستعارة والمجاز ارتجالًا كثيرًا من جهة القياس، وهو إحداث فعل ثلاثي مجرد، وهو (نطق)، وجعل مضارعه على مماثل (يضرب) وصوغ اسم المكان منه وإلحاقه التاء. والقياس الفرد ظن وتخمين، فكيف إذا كان مركّبًا!
- في المعاجم (تغفّله) و(استغفله) إذا تحيّن غفلته. وليس فيها -ما خلا حكايةً محتملة في "العين"- (اغتفله) إلا أنها وقعت في رواية خبرٍ في "الأغاني". وليس في المعاجم أيضًا (غافله) كما يشيع عند المعاصرين، وأجازها مجمع القاهرة.
- س: ما حركة ميم (المناخ) الضم أو الفتح؟
ج: حركتها الضم (المُناخ) لأنها اسم مكان من (أناخ) الرباعي بمعنى (أبرك بعيرَه). وقد يُراد به عموم الإقامة والنزول على الاتساع. ومنه الأبيات: (ومُناخ غير تئية عرّسته) (كذب العواذل، لو رأين مُناخَنا) (ومُناخ نازلةٍ كفيتُ وفارسٍ) وغيرها.
ولا يُعرف (ناخ) الثلاثي، بيد أنه سُمع عنهم (النَّوخة) بمعنى الإقامة، وظاهره أنه اسم مرة من الثلاثي (ناخ)، فقد يجوز أن يكون استُعمل وأميت، وقد يجوز أن لا يكونوا استعملوه قط كمفرد (المحاسن)، وقد يجوز أن يكون من (أناخ) على غير قياس كـ(العِمّة) و(الخِمرة) إذ هما من (اعتمّ) و(اختمر). ولهذا لا ينبغي أن يُقدم على إجازة (ناخ) إلا ببرهان ظاهر.
وإطلاقُ (المُناخ) على حالة الجوّ مولّد حادث على سبيل التشبيه. وذلك أنهم يلتمسون في أماكن إقامتهم أن تكون مطمئنة سهلة غير غليظة. ولهذا قال الشاعر:
وإطلاقُ (المُناخ) على حالة الجوّ مولّد حادث على سبيل التشبيه. وذلك أنهم يلتمسون في أماكن إقامتهم أن تكون مطمئنة سهلة غير غليظة. ولهذا قال الشاعر:
وبما أبركها في مُناخٍ ** جعجع ينقَب فيه الأظلُّ
- قد يُشبه اللفظ الأعجمي الألفاظَ العربية في الحروف والوزن فيظنه الناس عربيًّا. ومن ذلك لفظا (الرصيد) و(الرجيم)، فالأول فارسي والثاني فرنسي.
- أقدم من وجدته استعمل قولهم: (بيّض الله وجهك) هو البراء بن ربعي. ولعله جاهلي، قال:
وكان سُليم بيّض الله وجهه ** يمدّ لنا بنيان مجد ويرفعُ
أنشده ابن الأعرابي في "مقطعات مراثٍ".
- إذا عُرّب الاسم الأعجمي المبدوء بساكن فإن للعرب فيه طريقتين: أن يحرّكوه نحو (خِوان) أو يجتلبوا له همزة قطع نحو (إقليم) و(أسطوانة).
- استعمال كلمة (أيضًا) في حشو الكلام عربي فصيح، وليس مولدًا، قال الفراء: أنشدني بعضهم [من قيس]:
* أخوك في الله، وأيضًا في الرِّحِمْ *
ومنه قول الشاعر:
ليبغضني وأبغضه وأيضًا ** يراني دونه وأراه دوني
- (تويتر) علم أعجمي على هذا الموقع المعروف، فإذا أُريد استعماله في العربية وجب حمله على أبنية العرب وعلى المُنقاد من قوانينهم، فيُردّ إلى (تُوَيْتِر) ليكون على زنة (دُرَيهِم). ووزنه (فُويعِل).
أما (آسْك) فلا يصح اللفظ به على هذا الوجه لما فيه من اجتماع ساكنين. ويُغيّر إلى وجهين صحيحين:
١- (آسَك) بفتح السين، فيكون على زنة (فاعَل). وهو موافق لاسم موضع قديم ذكره الخارجي حين قال:
أألفا مسلم في ما زعمتم ** ويقتلهم بآسَكَ أربعونا؟
٢- (آسِك) بكسر السين، فيكون على زنة (فاعِل).
ونظير هذا كلمة (دانق)، فإنها فارسيّة الأصل. وهم ينطقونها بإسكان النون وفتحها. فلما استعملها العرب استعملوها بفتح النون وزادوا فيها الكسر. وهو عندهم أفصح، وذلك لقلة ما جاء على (فاعَل) وكثرة باب (فاعِل).
ومثلها أيضًا كلمة (طابق)، فإنها كلمة فارسية. وهي في الفارسية مفتوحة الباء. فلما عرّبوها أبقوا الباء على سكِنتها وألحقوا بها وجهًا آخر، وهو الكسر.
و(آسك) في الوجهين ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.
- (التلاشي) كلِمة منحوتة من (لاشيء)، تصريفُها: (لاشاه فتلاشَى)، كأنَّهم يريدونَ أنه أصبح (لاشيء). والتاء ليست من لفظِ (لا شيء)، وإنما هي زائِدةٌ للمطاوَعة كالتاء في قولِك: (تباعَد). وهي كلِمةٌ مولَّدةٌ قديمًا. وهي من ألفاظِ المتكلِّمين. وهم الذين استحدَثُوها إرادةَ الاتِّساع في المعانِي. وقد ذكرَ ذلك أبو عثمان الجاحظ، قالَ: (قالوا: وقبيحٌ بالخطيب أن يقومَ بخُطبة العيد أو يومَ السِّماطين أو على منبر جماعةٍ أو في سُدّة دار الخلافة أو في يوم جمعٍ وحَفْلٍ أو في إصلاحٍ بينَ العشائرٍ واحتمالِ دماءِ القبائل واستلالِ تلك الضَّغائنِ والسَّخائمِ فيقولَ كما قال بعضُ من خطبَ على مِنبر ضخمِ الشأنِ رفيعِ المكان: «ثم إن الله بعد أن أنشأ الخلق وسوّاهم ومكّن لهم لاشاهم فتلاشوا». ولولا أن المتكلمَ افتقرَ إلى أن يلفظَ بالتلاشي لكان ينبغي أن يؤخَذ فوقَ يدِه)، ثم قالَ: (وإنما جازت هذه الألفاظُ في صناعة الكلام حين عجَزت الأسماءُ عن اتساع المعاني)، وقالَ: (ولأن كبارَ المتكلمين ورؤساءَ النظّارين كانوا فوقَ أكثر الخطباء وأبلغَ من كثير من البلغاء. وهم تخيَّروا تلك الألفاظَ لتلك المعاني، وهم اشتقُّوا لها من كلام العرب تلك الأسماءَ، وهم اصطلحوا على تسميةِ ما لم يكن له في لغةِ العربِ اسمٌ فصاروا في ذلك سلفًا لكلِّ خلفٍ وقدوةً لكلِّ تابعٍ. ولذلك قالوا: العرض والجوهر وأيس وليس، وفرَّقوا بين البطلانِ والتلاشي).
وليس بصحيحٍ قولُ من زعمَ أن أصلَها (لشَا) بمعنى خسَّ بعد رفعةٍ، لأنَّ هذه الكلِمة معروفةُ الميلادِ. كما أن معناها ليس هو معنَى (لشا) لأنَّ (التلاشِي) معناه (الاضمحلالُ)، وهو مباينٌ تمامًا لـ(الخِسَّة). وذلك أنَّ الشيء قد يضمحِلُّ من غيرِ أن يتَّضِع، وقد يتَّضِع ولا يضمحِلُّ.
- (الخُلف) بمعنى (الخلاف) يكثر في كلام المتأخرين، قال أبو إسحاق الشاطبي: (عادة المتأخرين استعمال لفظ (الخُلف) مرادفًا لمصدر (خالفه في كذا مخالفة وخلافًا). ولست منه على تحقيق أنه استعمالٌ لغوي).
- (الفُوطة) غير عربية. وذُكرت في "العين" وغيره. وذكر ابن بطوطة أن الداخل لحمامات بغداد يعطى ثلاث فوط. وفي مقامات "البديع" أنها تلبس على الرأس.
- (اللِّتر) كلمة يونانيّة الأصل. ومن الطريف أنها عُرِّبت قديمًا بصورة (رطل). وهو مقلوب (لِطْر). راجع (معجم الدخيل) لف عبد الرحيم.
- (النّصْب) لا يدلّ في كلام العرب على معنى الاحتيال، وإنما أخذه الناس من (نصْب الفخّ أو الحِبالة). وعلى هذا فهو توليد صحيح.
- (السَّلَطة) كلمة مأخوذة من التركية. ومعناها المملَّحة. وأصلها لاتيني (sal) بمعنى (المِلح). ولك أن تقول فيها أيضًا: (صلطة) و(زلطة) بلا نُكر.
- (الطَّماطِم) كلِمةٌ مكسيكيّة النِّجار أصلُها (tomatll). وقد دخلت في كثير من اللغاتِ. وقبسَها العربُ حديثًا من الصيغة اللاتينية (tomatum) إذْ لم يكن هذا النباتُ معروفًا لديهم قديمًا.
وهذا اللفظُ له صورتان في كلام الناس اليومَ:
1- (طَماطِم). وهي الصورة الرسميّة. وهي تُستعمل اسمَ جنس جمعيًّا مفردُها (طَماطِمة). وقد وافقت صيغةَ منتهى الجموع، فتُمنع من الصرف فتكون نظير (سراويل) فتقول: (أكلتُ طماطِمَ) ولا تنوّنُها.
ويجوز لك أيضًا أن تجمعها بالألف والتاء فتقول: (طَماطِمات).
2- (طَماط) أو (طُماط) بفتح الطاء أو ضمّها مع حذف الميم. وهي أعربُ وأخفُّ. وهي مصروفةٌ. ومفرَدها (طَماطة) أو (طُماطة).
ولك أيضًا أن تجمعها بالألف والتاء فتقول: (طَماطات) و(طُماطات).
- ينبغي ردّ الألفاظ الدخيلة إلى أوزان العربية عند إرادة إدخالها في الكلام الفصيح فيقال: (أيْفُون) على مثال (ديجور)، و(تُوَيْتِر) على نحو (دُرَيهم)، و(قَوْقَل) على وزن (جعفَر).
- (ساذج) كلمة فارسية. ولفظها فيها (سادَك). وقد عُرّبت قديمًا بلفظ (ساذَج). وبعضهم يكسر الذال فيقول: (ساذِج) ليُدخلها في باب (فاعِل). وهو أرحبُ وأوسع.
ثم دخلت إلى العربية حديثًا من طريق التركية التي أخذتها من الفارسية، وذلك بلفظ (سادَه).
وتُطلق على الشيء الباقي على أصل طبيعته لم يُخالطه غيرُه. ويُراجع في هذا حواشي المعرب للجواليقي للدكتور ف عبد الرحيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق