الخميس، 6 يوليو 2017

علة زيادة واو (عمرو) والرأي في حكم زيادتها

في الزيادة الإملائية
نُشر أوله في تويتر في 17/ 7/ 1434هـ، وآخرُه في فسبك في 6/ 4/ 1438هـ.
من أوهام الإملاء الفاشية زعمهم أن علة زيادة الواو في (عمرو) هي مخافة التباسها بـ(عُمَر). والعلة الصحيحة لذلك أن لحاق الواو للأعلام سنّة معروفة في النبطية انسربت قديمًا إلى العربية كما دلّت على ذلك النقوش المكتشفة، فلما راجع الكُتَّاب قوانين الخطّ بعد ظهور الإسلام تكلّفوا حملها على القياس فاستقامت لهم ما خلا بعضَ الألفاظ المشهورة، فإنهم تهيّبوا الإقدام عليها لطول إلفهم لها وكثرة جوَلانها في كتاباتهم فتركوها على حالها. ومنها (عمرو). وكذلك (بسم الله الرحمن) و(لكن) و(هذا) ونحوها، فإنهم كرهوا أن يردوها إلى القياس فيلحقوها الألفات المحذوفة لشهرتها وكثرة ذكرها. وإنما حُذِفت منها الألف جريانًا على الرسم القديم إذ كانوا لا يكتبونها إذا كانت في وسط الكلمة. ومثلها كتابتهم (الحرث) و(ملك) و(إسمعيل) و(إسحق) يريدون (الحارث) و(مالكًا) و(إسماعيل) و(إسحاق) إلا أن هذه الألفاظ حيث كانت أقل ذكرًا لم يلبثوا أن راجعوا فيها القياس بعد العصور الأُوَل فألحقوها الألفات المحذوفة.
ويدلّك على بطلان علتهم في (عمرو) أن (عمرو) أقدم من (عُمَر)، وقد رأيناهم في النقوش القديمة يلحقونها الواو. وذلك قبل أن ينشأ لفظ (عمَر) ويشيع. على أن (عمرو) هو الأصل والأكثر، و(عُمَر) هو الفرع والأقلّ، فكان الوجه أن يكون هو الذي تلحقه الواو.
هذا والأعلام المحتملة اللبس عندهم كثيرة كـ(سَليم) و(سُليم) و(عَقيل) و(عُقيل)، فما بالهم اختصُّوا (عمرو) بالواو دون سائر الألفاظ؟ كما أنا لا نفهم وجه العلاقة بين رفع اللبس واختيار الواو سبيلاً إلى هذه العلة!
ومهما يكن فالذي أراه أن تحذف هذه الواو ويعتاض منها بالشَّكل إن خُشي اللبس بينه، وبين (عُمر). وهذا هو حاق القياس. وهو قول قال به جمع من المعاصرين. وأقدم من وجدته أجازه من المتقدّمين أبو العباس المبرَّدُ (ت285)، بل جعلَه هو الصواب، قال: (فمن اتبع الكتّاب كتب (مائة) كما يكتبون. ومن "آثر الصواب" كتبها بياء واحدة وهمَزَها. "وكذلك عَمْر"). وتبعه على ذلك تلميذ تلاميذه أبو جعفر النحاسُ (ت338)، وجعلَ الشكل مغنيًا عن الواو، قال: (فإن شكلت (عَمْرًا) في موضع الخفض والرفع لم تُلحق فيه واوًا لأنه لا يُشكل بـ(عُمَر) ).
وهذان النصّان نادران إذ لم أرَ من احتجّ بهما على تقدّمهما، وإنما يحتجّون في ما رأيت بنصّ لابن الدهّان (ت569) وهو قوله: (وبعضهم يستغني بتسكين الميم، أو بفتحة العين عن الواو). وهو متأخّر عنهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق