نُشر في ملتقى أهل اللغة في 18/ 6/ 1433هـ والمجلة الثقافية في 3/ 7/ 1433هـ.
(المدعوُّ) اسمُ مفعول من (دعَا). ويكونُ ما بعدَه منصوبًا لأنّه مفعولٌ ثانٍ، تقولُ: (هذا المدعوُّ محمدًا). وهو لفظٌ عربيٌّ فصيحٌ معناه: (المسمَّى). ومنه قولُ الشاعرِ:
أما الإماءُ فلا يَدعونَني ولدًا ** إذا ترامَى بنو الإموانِ بالعارِ
وقول الآخَر:
دعاني الغواني عمَّهنَّ وخلتُني ** ليَ اسمٌ، فلا أدعَى به وهْو أوَّلُ
وقد جرَى استعمالُها في عُرفِ الناس واصطلاحِهم على النكرةِ المجهولِ، كأنهم أرادوا أن يُبالغوا في الدلالةِ على نكارتِه من طريقِ الانتفاءِ من إثباتِ اسمِه والبَراءةِ من القَطْعِ بمعرِفتِه والتعويلِ في ذلك على ما يدعوه به الناسُ الذينَ يعرِفونَه. ولو كانَ معروفًا مشهورًا وكانَ من أهلِ النباهةِ والذِّكر لم يَحتج المتكلّم إلى أن يُحيلَ معرِفة اسمِه إلى الناس ولكانَ له من ثقَتِه بثبوتِ هذا الاسمِ ما يحمِله على أن يكِلَ نسبتَه إلى نفسِه. ولذلك لا يُوصَف بهذه الكلمة إلا من كانَ نكرةً مغمورًا. وهو في هذا حقيقة. أو مَن يُرادُ تحقيرُه وتنكيرُه وإلحاقُه بالدهْماء والسُّوقة ومَن لا يؤبَه له. وهو حين إذٍ مَجازٌ. ويجوزُ حملُه على وجهين بَلاغيّين:
الأول: أن يكون كنايةً. وذلك من قِبَل أن كلمةَ (المدعوّ) قد أضحت من لوازِم التنكيرِ والتحقيرِ، فبدلَ أن تقولَ: (الرجل النكرة الذي لا يُعرَف فلانٌ) تقولُ: (المدعو فلانًا). وهو لازِمٌ عرفيٌّ لذلك.
الثاني: أن يكون استعارةً مكنيَّةً. وذلك على أن تكونَ أردتَّ تشبيهَه بالنكرةِ المغمورِ ولم تصرِّح بهذا المشبَّه به، وإنما ذكرتَ شيئًا من خصائصِه، وهو وصفُه بـ(المدعوّ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق