في الهمزة في أول الكلمة
نُشر في تويتر في 24/ 2/ 1436هـ.
في رسمِ (أُءَوِّل) إذا اتصلت بها همزةُ الاستفهامِ عدَّةُ وجوهٍ أشهَرُهنَّ خمسةٌ بالتركيبِ:
1- (أَأُءَوِّل). وهو أعْدلُ الوجوهِ وأحظاها بالصَّواب. وذلك أنّ أصلها (أُؤَوِّل)، كُتِبت الهمزةُ الأولى على ألفٍ لأنّها في أوّل الكلمةِ، فلا أثَر لحركتِها فيها لأنها لا تكونُ إلا محقَّقةً. وكُتبت الهمزة الثانية على واوٍ لأنَّها متوسِّطة وقد انفتحت وانضمَّ ما قبلها، وأقوى الحركتين الضمّة، ومجانسُها الواو. ثمَّ التقَى حرفا مدٍّ متماثلان، وهما الواوان وأحدهما صورةٌ للهمزةِ فحُذِفت كما حُذِفت في (مآب) وأصلها (مأاب) و(ساءَل) وأصلها (ساأل) و(آمن) وأصلها (أامن) وغيرها فصارت (أُءَوِّل). وهو مذهب من يكتب (شئون) و(رءُوف) هكذا بالحذف كراهية اجتماع الأمثال. وليس من شرطِه أن يكون أحدهما حرف مدٍّ لأن عِلّة الحذف اجتماع المثلين في الصّورة، ولا فرقَ مؤثِّرًا بين أن يكون حرفَ مدٍّ أو حرفًا مشدّدًا. فلمّا اتَّصلت بها هَمزةُ الاستفهامِ لم تخرجها عن أوَّليَّتِها إلى التوسُّط. وهذا ما انتهَى إليه الرسمُ واختارَه ابن قتيبة وابن السرّاج والنحّاس وغيرهم، فتكتبُها (أَأُءَوِّل).
2- (أَأُؤَوِّل). وتأويلُه تأويلُ المذهب الأوّل إلا أنَّه لمّا اجتمع مثلانِ لم يُحذف أحدُهما. وهو مذهب من يكتب (شؤون) و(رؤُوف) بالإتمامِ. وهو مذهب مشهورٌ إلا أنَّ فيه تناقضًا لأنّه يلزَم أصحابَ هذا المذهب أن يكتبوا (مأاب) و(ساأَلَ) و(أامنَ) بإثبات الألفاتِ فيهنَّ.
3، 4 -(أَؤُءَوِّل)، (أَءُؤَوّل). وذلك على مذهبِ من يعتدُّ بدخولِ همزةِ الاستفهام على همزة القطعِ في إخراجها عن حُكم الأوليَّة إلى حكمِ التوسُّط. وأصلُ أوَّل هذين الوجهين على هذا المذهب (أُؤَوِّل) ثمّ (أُءَوِّل) بالحذف كراهية اجتماع مثلين، فلمّا لحِقت بها همزة الاستفهامِ نقلتْها إلى حكم المتوسِّطة فكُتبت (أَؤُءَوِّل) لأن الهمزة الثانية مضمومة وما قبلَها مفتوح والضمّ أقوى فكُتبت على مجانسه، وهو الواو. ولك أن لا تحذف أحد المثلين إلا بعد دخول همزة الاستفهام وتختار حذف صورة الهمزة الثانية فتكتبها (أَءُؤَوِّل). وليس لكَ أن تحذف صورة الهمزة الثالثة فتجعلَها (أَءُءَوّل) لأن هذا إجحافٌ. ويجوز أيضًا حملُ هذا الوجه الرابع على مذهبِ الكسائيِّ والفرّاءِ وثعلبٍ لأنَّهم يرون حذف إحدى الصورتين في مثلِ ذلك. وعليه وردَ في رسم المصحف ((أءُلقي الذكر عليه من بيننا)) و((أَءُنزل عليه الذكر من بيننا)) وغيرهما.
والاعتدادُ بدخولِ همزة الاستفهام على همزة القطع في نقلِها إلى حكم التوسُّط مذهبٌ قديمٌ حكاه ابن قتيبة وابن كيسان والنحاس وغيرُهم. وهو رسم المصحف كما في ((قل أؤنبّئكم بخير من ذلكم)). وهو مذهبٌ ضعيفٌ مهجورٌ. ومن لازمِه كتابةُ (بِإِمام) هكذا (بئِمام) و(سَأُكرِمك) هكذا (سَؤُكرِمك) إذْ لا فرقَ بينها لأنَّها تئولُ جميعًا عند إرادةِ التخفيف إلى ذلك. علَى أنَّه لا تزالُ بعضُ الكلمِ جاريةً على هذا المذهبِ في الإملاءِ الحديثِ، وذلك ككتابتهم (لَئِن) و(هؤلاء) و(لِئَلّا). والأحسن عندي كتابتها (لَإِن) و(هألاءِ) و(لِأن لَّا) طردًا للبابِ لأنّ ما اتَّصل بالهمزةِ في أول الكلمةِ لا يُحيلها عن أوّليّتها.
5- (أَؤُؤَوِّل). وهو كالوجهين السابقين في الاعتداد بهمزة الاستفهام إلا أنَّه جارٍ على مذهبِ من لا يرى التخلُّص من اجتماع الأمثالِ.
هذه أشهرُ المذاهبِ في كتابة هذه الكلِمة. وثمةَ مذاهبُ غيرُها لا يُعوَّل عليها.
لله درك يا أبا قصي، قد رأيتُ آخرين من الفضلاء أجابوا عنها فما رأيتُ أتم من جوابك ولا أحسن.
ردحذفسلمك الله مولانا الوديد. وإني لأطمع أن تنشئ مدونة - وإنشاؤها سهل - تضمّ إليها فرائدك وذخائرك.
حذفأكرمكم الله يا أبا قصي، وهذه فكرة جيدة لو كان لي شيء يُعتد به، وإنما النفائس والأعلاق عندكم منذ عرفتكم.
ردحذفوقد سمعتُ مرة كلاما للشيخ ابن باز يذكر فيه أن التجديد المذكور في الحديث على رأس كل مئة سنة ليس خاصا بعلم الشريعة بل يكون في علوم العربية وغيرها، وأنا والله لو سئلت: أي الناس اليوم تراه أجدر بأن يكون في يوم من الأيام مجددا في هذا الباب؟ لقلت: فيصل المنصور.
وليس الدافع إلى هذا الكلام أن أجاملك لكني مذ كنتُ لا أستطيع إذا رأيتُ محسنا أن أدع التنويه بإحسانه وأرى أن ذلك حقا له علي ولو كان عدوا لي، فكيف بمن كان مثلكم في سبق أياديه إلينا وكريم منزلته في قلوبنا.
وأسأل الله أن أراكم قريبا بتلك المحلة الباذخة التي تستحقونها.
رفع الله قدرك. وإنّ لك في نفسي مثل ما لي في نفسك.
حذفجزاكم الله خيرا، ووفقنا وإياكم لكل خير، وأدخلنا وإياكم في رحمته، وأسأل الله أن يعتق رقابنا ورقابكم ورقاب آبائنا وأمهاتنا أجمعين من النار.
ردحذفجزاك الله خيرا أبا قصي ونفع بك 🌹 🌹
ردحذف