نُشر في فسبك وتويتر في 8/ 3/ 1438هـ.
إيّاك أن تطمئِنّ إلى من يقبل عليك بجميع ودِّه ويُصفيْكَ خالصَ إخائِه قبل أن تطول مخالطتُه لك ومعرفتُه بك وقبل أن يعاشرَك من كثبٍ ويبلوَ خلائقك دهرًا، فما أسرعَ ما يقلبُ لك ظهر المِجنّ عند أدنى هفوة منك ويرجعُ عدوًّا مكاشحًا لك ناقمًا عليك ناثًّا في الناس معايبَك وإن لم يسمع عذرَك.
واهرب الهربَ كلّه من من تراه يغلو في مدحِك وتبجيلِك، فما هو إلا أن يعاين بعض أخطائك ويقف على بعض مساوئك حتّى يغلو في ذمّك كما غلا من قبل في مدحِك وحتّى تستحيلَ حسناتُك اللائي كان يثني عليك بسببهن سيئاتٍ يذمّك عليهنّ، كأنّه يجعلُ مبالغته في ذمّك تكفيرًا عن خطئِه في الغلوّ في مدحِك، فيصلِح خطئًا بخطأ!
وعليك بالاستمساكِ بصحبة العاقل المنصف الذي يحكِّم في الأمور عقلَه لا عاطفتَه ويتّبِع فيها الحقّ لا الهوى ويصدرُ في آرائِه عن تأنٍّ وتؤدةٍ لا طيشٍ أو عجلةٍ ويتحلّى بأخلاق الكرام من الصبر والاحتمال وحسن الإعذار وسلامة الصّدر ولُطف المراعاة. واعتبرْه بأن تنظر كيف حديثُه عن عدوِّه، فإن رأيتَه لا يذكرُه إلا بما فيه ولا يدعوه بغضُه له إلى طمس محاسنِه والافتراء عليه والبَهتِ له فذاك. وإن لا فاحذرْه، واعلمْ أنك قد تكون موضع عدوِّه هذا يومًا فيفتري عليكَ كما افترَى عليه. ولهذا قال المتوكّل الليثيّ:
احذر وصالَ اللئيم، إنّ له ** عضْهًا إذا حبلُ ودِّه انقطعا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق