الجمعة، 19 يوليو 2019

شذرات في تراجم علماء العربية وأدبائها

نُشر مفرَّقًا في تويتر وفسبك في أوقات مختلفة.
- الأنباريون كثير، أشهرهم في العربية ثلاثة: أبو محمد (ت304هـ) وابنه أبو بكر (ت328هـ) وأبو البركات كمال الدين (ت577هـ). وكلّهم يسمَّون (الأنباريّ) و(ابن الأنباري)، غير أن الأغلب أن يُقصد بـ(ابن الأنباري) في كتب العلماء أبو بكر. وربّما سموا الأب بـ(الأنباري الكبير).
وأشهر الملقّبين بـ(النحّاس) اثنان: أبو جعفر (ت338هـ) وبهاء الدين (ت698هـ). وكلاهما يسمَّى (النحّاس) و(ابن النحّاس)، غير أن الأشهر تسمية الأول بـ(أبي جعفر النحاس) وتسمية الآخر بـ(بهاء الدين بن النحّاس).
- من الوهم المشتهر أن سيبويه توفي في الثلاثين من عمره. والصحيح أنه توفي وقد بلغ الخمسين أو كاد أو جاوزها. ودليل ذلك أنه روى عن عيسى بن عمر، وقد توفي عيسى عام ١٤٩، فإذا كان أول سماعه منه عام ١٤٥ وكان عمره حين إذ ١٥ فإن سنه حين توفي عام ١٨٠ تكون ٥٠ سنة. وقد ذكر نحوًا من هذا ابن مسعر.
- من ما لا يكاد يُعرف من أمر الخليل بن أحمد رحمه الله أنه كان من أعبر الناس للرؤيا.
- لَلخليلُ في مقدمة "العين" أعذبُ بيانًا وأحلى ألفاظًا من الجاحظ، استمعْ إليه وهو يقول مثلًا:(الهمزة .. مهتوتة مضغوطة، فإذا رُفّه عنها لانت) و(الدال لانت عن صلابة الطاء وكزازتها وارتفعت عن خفوت التاء فحسنت) و(استحسنوا الهاء.. للينها وهشاشتها. وإنما هي نفَس لا اعتياص فيها).
-أبو عَمْر الشيباني اللغويُّ الكوفيُّ (ت216هـ) اسمه إسحاق بن مِرَار. هكذا سمَّته لنا عامَّة كتب التراجِم وغيرُها. وربّما صُحِّف إلى (مُراد). 
وسمّاه عليّ بن حمزة البصريُّ (ت375هـ) في "تنبيهاته" (إسحاق بن مِرار بن زُرارة) فأثبتَ أنّ اسم جدّه هو (زرارة). ولم أجد هذا عند غيرِه، فليُستفَدْ. 
- قال أبو علي الفارسي كما في "مختار التذكرة": (سألت أبا علي [الصفار] عن موت ابن كيسان، فأخبرني أنه مات سنة ٢٩٩). 
قلت: وهذا نصّ نادر عال حاسم للخلاف ومبطل للقول بأن موته كان سنة ٣٢٠هـ.
- أبو إسحاقَ الزجّاج هو إبراهيم بن السريّ بن سهْل (ت311هـ). وأبو بكر بن السرّاج هو محمد بن السريّ بن سهْل (ت316هـ). هكذا تسميهما كثيرٌ من كتب التراجِم. وهذا يحتمل أحدَ أمور ثلاثة: 
1- أن يكونا أخَوين. بيدَ أنا لا نجد من أثبتَ ذلك. ومثلُ هذا يبعُد أن لا يفطَن له المترجمون لو كان ثابتًا.
2- أن يكون ذلك من قبيل الاتّفاق والمصادفات النادرة.
3- أن تكون إثبات (سهْل) اسمًا لجدّ أحدِهما من سهو بعض المترجِمين وخلطِهم. وهو ما أميلُ إليه.
- لا شكّ أن الغالب على السيوطي النقل والجمع، ولكن ينبغي أن نعرف أيضًا أنه كان عالمًا بصيرًا بما ينقل. وله في كثير من مؤلفاته آراء ونظرات تفرّد بها.
- عقل أبي علي الفارسي عقلٌ منطقي يحبّ ردّ النظير إلى نظيره وإلحاق الفرع بأصله. ولذلك تجده أبدًا مولعًا بتصحيح القياس وضبط حدوده. وعقل ابن جني عقلٌ فنّيّ جماليّ يحبّ تتبع مواطن الجمال وآيات البراعة والإحسان، ولا يبالي أن يستجيد القول وضدّه إذا أعجبه منزع الحجة ولطف الدليل.
- كان الفرّاء للكوفيين بعدَه كالبحر، كلٌّهم يغرف منه. وكثير من علمهم راجع إليه ومأخوذ عنه.
- يعجبني من المنفلوطي جزالة نسجه ورقة معانيه، ومن الرافعي اقتداره على المعاني وحسن تصرفه في الأساليب، ومن الطنطاوي سهولة لفظه وطول نفسه وجمال ظرفه، ومن محمود شاكر تأنّقه في تجسيد المعاني وتجديده في ألفاظه.
- كاد المنفلوطيُّ يكونُ ساحرًا في ثياب أديب! فهو لا يكتب نثرًا، وإنما ينفُث سِحرًا!
-(محمد محيي الدين عبد الحميد) و(عبد السلام هارون) هذان الرجلان أجلُّهما لأنهما أفنيا عمرهما وهما يعملان صامتَين بلا تنفّش ولا فخفخة!
- لا ينقضي تعجّبي من ابن سيدةَ كيف استطاع أن يؤلّف وهو أعمى كتابَي "المحكم" و"المخصص" مع ما فيهما من تمام الجمع والاستقصاء وبراعة التصنيف ودقّة الترتيب!
- رحم الله ناصر الدين الأسد، فقد كان باحثًا يقلّ نديده. وكتابه "مصادر الشعر الجاهلي" لا يكاد يجارَى في حسن الاستيفاء والتأنّي والدأب والتدقيق!
- لبعض المحققين الكبار شجاعة في التحقيق دالّة على حِذقهم وعلوّ كعبهم كما ترى في رموز الميمني في تحقيقاته، وإطناب محمود شاكر في تعليقاته.
- إن شئت أن تعرف مذهب الأصمعي في الرواية واللغة ومواضع إقدامه وإحجامه وقبوله وردّه فاقرأ "فعلت وأفعلت" لتلميذه أبي حاتم لأنه عرضه عليه.
- النحو مَدين لابن مالك باستقصاء مسائله وترتيبها في "التسهيل"، ومدين لأبي حيان بجمع شتات خلاف النحاة فيها في "التذييل" و"ارتشاف الضرب".
- أبو عبيدة والأصمعي متقاربان في العلم غيرَ أن أبا عبيدة أكثر اتساعًا. وهو أعلم من الأصمعي بالنسب والأخبار والأيام. والأصمعي أعلم منه بالنحو والمواضع وأضبط منه في رواية الشعر وفهم معانيه.
- مِن أكثر من رأيتُ من المتقدمين معرفة بالشعر ومعانيه وصحيحه ومنحوله أحمد بن عُبيد. وتجد مصداق ذلك في شرحي المفضليات والقصائد السبع للأنباري وابنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق