السبت، 15 يونيو 2019

مسائل متفرقة في بنية النحو وتاريخه وكتبه

نُشر مفرَّقًا في تويتر وآسك في أوقات مختلفة.
- انتهى علم النحو إلى ابن مالك (ت٦٧٢هـ) وأبي حيان (ت٧٤٥هـ) وابن هشام (ت٧٦١هـ). ولا تكاد تجد في مصنفات من جاء بعدهم شيئًا ذا بال.
- قلما اغتبطت بكتابٍ اغتباطي بكتاب "الشواهد الحديثية في الأبواب النحوية" وأخيه السابق "الاستشهاد بالحديث في المسائل النحوية" كلاهما للدكتور ياسر الطريقي. وهو كتاب محكَم غزير الفائدة، سدّ مكانًا لم يكن سُدّ من قبلُ.
- سقط من طبعة دار الكتب المصرية لـ"شرح كتاب سيبويه" للسيرافي تسعة عشر بابًا بين الجزء السابع والثامن، اثنا عشر منها ثابتة في طبعة دار الكتب العلمية. وسقط من طبعة دار الكتب العلمية تسعة وعشرون بابًا موضعها بعد الباب الثاني من الجزء الثالث. ولا أدري أنبه أحد على هذا أم لا.
- كتاب "التّمام في تفسير أشعار هذيل" لابن جني إنما هو كتاب تطبيقات نحوية وتصريفية، وليس فيه من تفسير الشعر شيء. 
- س: ما رأيك في تحقيق البكاء لـ"كتاب سيبويه"؟
ج: عمله في تبويب الكتاب وتفقيره عمل جيّد، فقد كشف عن عبقرية مؤلفه ولاءم بين أوصاله وأسقط بعض وعورته.
وأما تحقيقه فدون ذلك، وليس بالدُّون. 
- في كتاب "الكفاف" للصيداوي هذيان كثير واستخفاف بمسائل العلم وهزل مشوب بجدّ وإنكار قبل التفهّم وجزم عن غير إحاطة.
- من أوسع كتب النحو التي قلما يعزب عن جميعها مسألةٌ من مسائله "التذييل والتكميل"، ولم يتمّ، و"ارتشاف الضرب" كلاهما لأبي حيان، و"المغني في النحو" لابن فلاح، وطبع منه جزء يسير، و"النهاية في شرح الكفاية" لابن الخباز، ولم يطبع كاملًا، و"تمهيد القواعد" لناظر الجيش و"همع الهوامع" للسيوطي. 
- "شرح الأشموني للألفية" عامته منقول من "شرح الألفية" للمرادي و"شرح الكافية الشافية" لابن مالك حتى إنه لينقل منهما بالأسطر نقلًا حرفيًّا.
ومن محاسنه: 
1- أنه من أوسع شروح الألفية.
2- أنه مزج الشرح بمتن الألفية، فهو من هذا الوجه صالحٌ لحافظها. 
3- أنه خُدِم بحاشية الصبان عليه.
- في كتاب "إحياء النحو" لإبراهيم مصطفى إعمال نظر والتماس للتحقيق. وهو حسنة تُذكر له وإن كنت لا أستجيد أكثر رأيه فيه.
- "المقاصد الشافية" للشاطبي شرح كبير الحجم، وهو من أوسع شروح الألفية، ولكن فوائده ليست كثيرة بالنظر إلى حجمه، فليس هو من كتب النحو الواسعة في استقصاء المسائل والخلاف والعلل والحجج. وأنفع ما فيه قسمُ الصرف. ومن محاسنه أنه يعلّم قارئه الدقّة في استعمال الألفاظ والتبصر بدلالتها وما يعطيه منطوقها ومفهومها.
- أربعة كتب لم يؤلَّف في النحو مثلهن: كتاب سيبويه، وشرح السيرافي له، والمغني لابن فلاح، والتذييل والتكميل لأبي حيان. ومن المؤسف أن الكتب الثلاثة الأخيرة كلّها لما تطبع طبعة علمية كاملة! 
- في الكتب التي حشَّى عليها الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله نفع عظيم لأنها جمعت مع البسط وجودة الشرح والإيضاح إعرابَ الشواهد، وذلك كـ"شرح قطر الندى" و"شرح شذور الذهب" و"شرح ابن عقيل" و"شرح ابن هشام للألفية" و"مغني اللبيب". وهي حرًى أن ترسّخ قدمك في النحو والإعراب. 
- من أحسن من رأيتُ من المصنفين المعاصرين شرحًا لمسائل النحو وإبانةً عنها محمد محيي الدين عبد الحميد في شروحه ولا سيما شرحه على "أوضح المسالك"، وعباس حسن في كتابه "النحو الوافي". فإذا تعذّر عليك فهم مسألة نحوٍ فالتمس بيانها عندهما.

- "المعلّى" للدكتور محمد خليل الزروق كتاب هذّب فيه مؤلفه "شرح قطر الندى" لابن هشام ثم جمع لكل مسألة شواهدها من القرآن والحديث والشعر الرفيع. وهو كتاب نافع جدًّا.
- عملُ اللغوي هو أن يجمع كلام العرب بالفعل. وعملُ النحوي هو أن يستخرج كلام العرب بالقوّة. 
- النحو من أكثر العلوم إمتاعًا لمن أخذه بعلله وأسراره لأنه علم يخاطب العقل والذوق معًا. 
- حقيق أن يكره النحو من لا يعرف غير كتب ابن هشام. وحقيق أن يبغض الصرف من لا يعرف غير "العزي" و"اللامية" و"البناء". وحقيق أن يمقت اللغة من لا يعرف غير "الفصيح" و"الكفاية". وحقيق أن يعيب البلاغة من لا يعرف غير "التلخيص" و"الإيضاح"، وذلك أن من انتهى إليها وجعلها غايتَه في تحصيل العلم أورثته ضيقًا في النظر وكلالًا في الحدّ ووهنًا في الملكة بما حُرِمَ من التفرّج برحابة هذه العلوم وانفساح آفاقها ومن لذّة الاطلاع على اختلاف مشاربها ومساربها ومن متعة التكشيف عن أصولها والامتحان لعللها والمراجعة لأحكامها، وذلك لما يغلب عليها من شدّة الإيجاز والمبالغة في الاختزال والإهمال لذكر الخلاف والإسقاط للعلل.
- داء مصنفات النحو الذي لا تبرأ منه أبدًا ذكر مصطلحاتٍ في أبوابه الأولى لم يأت بيانها كجعل دخول حروف الجر من علامات الاسم قبل بيان معنى الحروف، وكجعل العلمية من علل المنع من الصرف في العلامات الفرعية قبل ذكر باب النكرة والمعرفة كما في "شرح القطر" وغيره، وكجعل عدم الإضافة في (قبل) و(بعد) ونظائرهما شرطًا لبنائها على الضمّ مع أن باب الإضافة متأخر عن هذا الباب. 
وكثير من هذا راجع إلى فساد التصور المنطقي القائم على الانتقال من الجزء إلى الكل ومن الإفراد إلى التركيب ومن إدراك علائق الهيكل العام للعلم. 
وهذا من أسباب عسر النحو على كثير من الطلاب لما فيه من ما يشبه الدور السبقي، لأن المصنف يقدّر أن الطالب يعرف هذه الأبواب قبل ذكرها، ولو عرف الطالب ذلك لما احتاج إلى تعلّمه. ويمكن معالجة ما لا بد من ذكره قبل بابه بتعريفه بإيجاز وبيان أنه سيرد ذكره في ما بعد. 
ولذا أرى أن ذكر باب النكرة والمعرفة بعد الإعراب مخالف للترتيب المنطقي لأن الأول يتعلق بالكلمة مفردة، والآخر يتعلق بها مركبة، والإفراد سابق للتركيب.
- س: ما فرق ما بين النحو والصرف؟ 
ج: لكلٍّ من هذين العلمين مباحثه التي ينفصِل بها عن الآخرِ. ومن الفروق بينهما: 
1- النحو يبحث في الحرف الأخير من الكلمة فقط غالبًا. والصرف يبحث في جميع حروف الكلمة. 
2- النحو يبحث في حكم واحد من أحكام الحرف الأخير، وهو أتتغيَّر حركته بتغيّر موقع الكلمة في الجملةِ أم لا؟ وهو ما يُسمى بالإعراب والبناء. وينظر في علل هذا التغيّر وشروطِه. ويبحث أيضًا في أحكام أخَر كالتقديم والتأخير، والحذف والذِّكر ما يجوز منها وما لا يجوز. والصرف يبحث في جميع أحكام حروف الكلمة ما عدا الإعراب والبناء. وهي على ضربين: أحكام معنويّة، وهي التي يتغيّر بها المعنى كالتصغير والجمع. ولفظيّة، وهي التي لا يتغير بها المعنى كالإبدال والإعلال. 
3- النحو لا تنشأ أحكامه ولا تُعرف إلا بعد تركيب الكلمة في جملة. والصرف تُبحث أحكامه سواء أكانت الكلمة مفردة أم مركبة.

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم حياك الله أبا قصي، أين أجد كلام النحاة في هذا؟ وما الصواب فيه: تنوين نحو لا غنًى أو عدم تنوينه:
    عمدة القاري ج3/ص232: قوله لا غنى بي قال بعضهم لا غنى بالقصر بلا تنوين على أن لا بمعنى ليس قلت هذا القائل لم يدر الفرق بين لا بمعنى ليس وبين لا إلى لنفي الجنس فإذا كانت بمعنى ليس فهو منون مرفوع وإذا كانت بمعنى لا لنفي الجنس يكون مبنيا على ما ينصب به ولا ينون ويجوز ههنا الوجهان ولا فرق بينهما في المعنى لأن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، وقال زكريا الأنصاري في منحة الباري بشرح صحيح البخاري (1/ 596): (لا غنى بي عن بركتك) أي: خيرك، و (غنى) بغير تنوين بُنيَ على أنَّ (لا) لنفي الجنس، وبالتنوين معربُ على أنَّ (لا) بمعنى: ليس ولكن الأول: نص في الاستغراق، والثاني: ظاهر فيه، وخبر لا: يجوز أن يكون: (عن بركتك)، وقال السيوطي في التوشيح شرح الجامع الصحيح (1/ 392): (لا غنى): بالقصر بلا تنوين على أن "لا" بمعنى "ليس".

    ردحذف