نُشر في آسك في 15/ 11/ 1435هـ . وأصل الرأي منشور في ملتقى أهل الحديث في 20/ 9/ 1428هـ وملتقى أهل اللغة في 2/ 11/ 1429هـ.
س: ما وجه قطع همزة (البتة)؟
س: ما وجه قطع همزة (البتة)؟
ج: لجّ المتأخرون في قطع همزة (البتة) وشغبوا بذلك من غير سماع صحيح ولا قياس قائم، بل القياس المطّرد المستمرّ وصل نظائر هذه الكلمة جميعِها. والنظر الصحيح يدفع ذلك أيضًا لأن أقدم من رأيناه ادّعى فيها القطع تاج الدين الإسفراييني (ت٦٨٤) في "اللباب ص٢٨٠"، وجميع من قال بذلك بعده فمنه أخذوا وعليه عوّلوا. والإسفراييني متأخر. ولم نرَ أحدًا من علماء النحو البصريين ولا الكوفيين ذكر هذا خلال خمسة قرون ولا رأينا أحدًا من أصحاب المعاجم وغيرِهم أثبته مع أن الهِمم تشرئب عادة إلى تقييد مثله وحكايتِه لما فيه من الغرابة والخروج عن القياس. وهم يحكون أقلّ من هذا وأخفى. هذا مع أنهم تعرضوا للكلام على مواضع قطع الهمزة ووصلها فذكروا أن أل التعريف لا تقطع إلا في لفظ الجلالة في بعض أحواله ولم يذكروا (البتة)، على أنهم لو كانوا يعرفون فيه القطع لاحتجّوا به لمذهب الخليل وابن كيسان وغيرهما من من يرى أن همزة أل التعريف همزة قطع. وقد احتج ابن مالك (وقد توفي قبل الإسفراييني باثنتي عشرة سنة) في "شرح التسهيل" لصحة هذا المذهب بقطع همزة لفظ الجلالة مع أنها لا تقطع إلا في بعض أحوالها، فلو كان بلغَه ثبوت قطع (البتة) لكان له فيه حجة أقوى من ذلك.
والإسفراييني وإن سلمنا أنه ثقة فلا يقبل تفرّده بهذه المسألة المهمّة التي تتوفر الدواعي إلى ذكرها مِن مّن سبقَه من الأيمة الثقات الأثبات. هذا مع تأخره ومع إرساله هذه الدعوى من غير أن يُسندها إلى راوية أو ينقلها عن عالم متقدم أو يورد لها شاهدًا من كلام العرب ومع وجود شبهة الوهم أيضًا. وذلك أنه في ما يظهر وجد قولهم: (البتة القطع). وهذا معناها في اللغة، فقرأها لاستعجال منه (البتة بالقطع) فأوهمه هذا أن همزتها همزة قطع.
وإذن فلا يصِح في (البتة) إلا الوصل. ومن قطعها فهو مخطئ سبيل السماع والقياس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق