الأحد، 9 يوليو 2017

مسائل إملائية في باب الحذف

نُشر مفرّقًا في تويتر وفسبك وآسك في أوقات مختلفة.
- أكثر المعاصرين على رسم (طه) بالحذف، ورسم (ياسين) بالإثبات. وأنا أكتبهما بالإثبات (طاها) و(ياسين). وعليه بعض المعاصرين.
- س: ما علة الحذف في رسم نحو (الله) و(هذا) و(لكن) وغيرها؟
ج: يظهر لي أن هذا من بقايا الرسم القديم لأن العرب لم يكونوا قديمًا يثبتون صورة الألف إذا كانت في وسط الكلمة. فلما راجع الكُتَّاب قوانين الخطّ بعد ظهور الإسلام تكلّفوا حمل الألفاظ على القياس فاستقامت لهم ما خلا بعضَ الألفاظ المشهورة، فإنهم تهيّبوا الإقدام عليها لطول إلفهم لها وكثرة جوَلانها في كتاباتهم فتركوها على حالها كـ(بسم) و(الله) و(الرحمن) و(لكن). ومنها ألفاظ تهيبّوا تغيير صورتها في بادئ الأمر ثم لم يلبثوا أن أقدموا عليها شيئًا بعد شيء كـ(إسماعيل) و(إسحاق) و(الحارث) و(السماوات)، وذلك لأنها أخفتُ ذكرًا وأقلّ سيرورةً من (بسم) و(الله) ونحوهما.
- س: هل يجوز حذف الألف من (باسم الله) إذا لم تُذكر البسملة كاملةً؟
ج: صور البسملة خمس:
الأولى: أن تُذكر كاملةً (بسم الله الرحمن الرحيم)، فيجب حذف ألفها قولًا واحدًا بلا خلاف.
الثانية: أن يُقتصَر على (باسم الله) دون (الرحمن الرحيم). وفيها قولان:
الأول: أنه لا يجوز حذفُها. وهو قول الجمهور.
الثاني: أنه يجوز حذفُها وإثباتُها. وهو قول الكسائي والفرّاء.
الثالثة: أن يضاف (الاسم) إلى غير لفظ (الله) نحو (باسم الرحمن) أو (باسم ربِّك). وفيها قولان:
الأول: أنه لا يجوز حذفُها. وهو قول الجمهور.
الثاني: أنه يجوز حذفُها. وهو قول الكسائيّ. وأنكرَه الفرّاء.
الرابعة: أن يكون العامل المتعلَّق به ظاهرًا نحو (بدأت باسمِ الله)، فلا يجوز حذف الألف بالإجماع إلا أن تقدِّرهما جملتين إن أمكن التقدير. نصَّ على هذا ثعلب.
الخامسة: أن يُجرّ الاسم بغير الباء سواءٌ أأُضيف إلى لفظ (الله) أم أُضيف إلى غيرِه نحو (لاسمِ الله حلاوةٌ على اللسان) و(لاسمِ الرحمن نورٌ)، فلا يجوز حذف الألف بالإجماع.
- كلمة (داوود) أبواو هي أم بواوين؟
- مذهب أكثر المتقدمين على أنه إذا اجتمع حرفا لين متماثلان حُذف أحدهما ما لم يحصل لبس، فيحذفونه من نحو (داوود) و(طاووس) و(يستوون) وغيرها. وبعضهم يرى إثباتهما على الأصل. وهو الراجح.
- س: رأيت بعضهم يثبت ألف (ابن) بعد الكنية نحو (أبو عبيدة ابن الجراح)، فما وجه ذلك؟
ج: هذا مذهب حكاه الزجاجي وابن جني ونسباه إلى بعض كتاب عصرهم. وهو مذهب مرجوح. وحجته أن علة الحذف كثرة الاستعمال، ولم يكثر استعمال الكنية كثرة استعمال الاسم. وفي الردّ عليه تفصيل لا يتسع له هذا الموضع.
- س: هل لرسم كل ما ينطق نحو (هاذا) و(لاكن) وجه سائغ؟
ج: لم أجد أحدًا من المتقدمين أجاز إثبات الألف في (هذا) و(لكن) ونحوهما من الألفاظ المشتهرة. وأجاز ذلك بعض المعاصرين. وهو مقتضى القياس، ولكن يلزم من أخذ به أن يطرد الأخذ بجميع القياس فيثبت كل ما يُنطق فيكتب مثلًا لفظ الجلالة (الله) هكذا (الْلَلاه) بثلاث لامات لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين، وبردّ الألف المحذوفة.
ويلزمهم أيضًا كما أثبتوا كل ما يُنطق أن يحذفوا كل مزيد لا يُنطق كواو (أولئك) و(عمرو) وألف (مائة). وبعضهم لا يلتزم ذلك فيقع في التفرقة بين المتماثلين. فإن هو التزم ذلك كله أحدث رسمًا منكرًا لا تألفه الأعين ولا تقبله الأنفس، وباعد به بيننا وبين إِلف كتب تراثنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق